كما يقال: جاء هو، وأجأته أنا: أي جئت به، ومثل من أمثال العرب": شرّ ما أجاءني إلى مُخَّة عرقوب"، وأشاء ويقال: شرّ ما يُجِيئك ويُشِيئك إلى ذلك ; ومنه قول زهير:
يعنى: جاء به، وأجاءه إلينا وأشاءك: من لغة تميم، وأجاءك من لغة أهل العالية، وإنما تأوّل من تأوّل ذلك بمعنى: ألجأها، لأن المخاض لما جاءها إلى جذع النخلة، كان قد ألجأها إليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ) قال: المخاض ألجأها.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: ألجأها المخاض. قال ابن جريج: وقال ابن عباس: ألجأها المخاض إلى جذع النخلة.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ) يقول: ألجأها المخاض إلى جذع النخلة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ) قال: اضطرّها إلى جذع النخلة.
واختلفوا في أيّ المكان الذي انتبذت مريم بعيسى لوضعه، وأجاءَها إليه المخاض، فقال بعضهم: كان ذلك في أدنى أرض مصر، وآخر أرض الشأم، وذلك أنها هربت من قومها لما حملت، فتوجهت نحو مصر هاربة منهم.
(١) البيت لزهير بن أبي سلمى (اللسان: جيأ) . قال: وأجاءه إلى شيء: جاء به، وألجأه، واضطره إليه. قال زهير بن أبي سلمى: " وجار. . . " البيت. قال الفراء: أصله من جئت، وقد وقد جعلته العرب إلجاء. وفي المثل: " شر ما أجاءك إلى مخة العرقوب، وشر ما يجيئك إلى مخة عرقوب " قال الأصمعي: وذلك أن العرقوب لا مخ فيه، وإنما يحوج إليه من لا يقدر على شيء. ومنهم من يقول: شر ما ألجأك: والمعنى واحد. وتميم تقول: شر ما أشاءك.