حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا) أما قوله (صَوْما) فإنها صامت من الطعام والشراب والكلام.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا) قال: كان من بني إسرائيل من إذا اجتهد صام من الكلام كما يصوم من الطعام، إلا مِن ذكر الله، فقال لها ذلك، فقالت: إني أصوم من الكلام كما أصوم مِنْ الطعام، إلا من ذكر الله; فلما كلموها أشارت إليه، فقالوا (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) فأجابهم فقال (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ) حتى بلغ (ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) .
واختلفوا في السبب الذي من أجله أمرها بالصوم عن كلام البشر، فقال بعضهم: أمرها بذلك لأنه لم يكن لها حجة عند الناس ظاهرة، وذلك أنها جاءت وهي أيِّم بولد بالكفّ عن الكلام ليكفيها فأمرت الكلام ولدها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، قال: ثنا مصعب بن المقدام، قال: ثنا إسرائيل، قال: ثنا أبو إسحاق، عن حارثة، قال: كنت عند ابن مسعود، فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر، فقال: ما شأنك؟ فقال أصحابه: حلف أن لا يكلم الناس اليوم، فقال عبد الله: كلم الناس وسلم عليهم، فإن تلك امرأة علمت أن أحدا لا يصدّقها أنها حملت من غير زوج، يعني بذلك مريم عليها السلام.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد لما قال عيسى لمريم (لا تَحْزَنِي) قالت: وكيف لا أحزن وأنت معي، لا ذات زوج ولا مملوكة، أي شيء عذري عند الناس (يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا) فقال لها عيسى: أنا أكفيك الكلام (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) قال: هذا كله كلام عيسى لأمه.