للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عيسى، عن الأوزاعي، عن إبراهيم بن يزيد، أن عمر بن عبد العزيز بعث رجلا إلى مصر لأمر أعجله للمسلمين، فخرج إلى حرسه، وقد كان تقدم إليهم أن لا يقوموا إذا رأوه، قال: فأوسعوا له، فجلس بينهم فقال: أيكم يعرف الرجل الذي بعثناه إلى مصر؟ فقالوا: كلنا نعرفه، قال: فليقم أحدثكم سنا، فليدعه، فأتاه الرسول فقال: لا تعجلني أشدّ عليّ ثيابي، فأتاه فقال: إن اليوم الجمعة، فلا تبرحن حتى تصلي، وإنا بعثناك في أمر أعجله للمسلمين، فلا يعجلنك ما بعثناك له أن تؤخر الصلاة عن ميقاتها، فإنك مصليها لا محالة، ثم قرأ (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) ثم قال: لم يكن إضاعتهم تركها، ولكن أضاعوا الوقت.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، والحسن بن مسعود، عن ابن مسعود، أنه قيل له: إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) و (عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ) و (عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) فقال ابن مسعود رضي الله عنه: على مواقيتها، قالوا: ما كنا نرى ذلك إلا على الترك، قال: ذاك الكفر.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عمر أبو حفص الأبار، عن منصور بن المعتمر، قال: قال مسروق: لا يحافظ أحد على الصلوات الخمس، فيكتب من الغافلين، وفي إفراطهنّ الهلكة، وإفراطهنّ: إضاعتهنّ عن وقتهنّ.

وقال آخرون: بل كانت إضاعتهموها: تركها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا أبو صخر، عن القرظي، أنه قال في هذه الآية (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) يقول: تركوا الصلاة.

قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك عندي بتأويل الآية، قول من قال: إضاعتهموها تركهم إياها لدلالة قول الله تعالى ذكره بعده على أن ذلك كذلك، وذلك قوله جلّ ثناؤه (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا) فلو كان الذين وصفهم بأنهم ضيعوها مؤمنين لم يستثن منهم من آمن، وهم مؤمنون

<<  <  ج: ص:  >  >>