للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله (لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) قال: المؤمنون يومئذ بعضهم لبعض شفعاء (إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) قال: عملا صالحا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) : أي بطاعته، وقال في آية أخرى (لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا) ليعلموا أن الله يوم القيامة يشفع المؤمنين بعضهم في بعض، ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إنَّ في أُمَّتِي رَجُلا لَيُدْخِلَنَّ اللهُ بِشَفاعَتِهِ الجَنَّةَ أكْثَرَ مِنْ بني تَمِيمِ"، وكنا نحدّث أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي المليح، عن عوف بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ شَفاعَتِي لِمَنْ ماتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ باللهِ شَيئًا"، و "مَن" في قوله (إلا مَنْ) في موضع نصب على الاستثناء، ولا يكون خفضا بضمير اللام، ولكن قد يكون نصبا في الكلام في غير هذا الموضع، وذلك كقول القائل: أردت المرور اليوم إلا العدوّ، فإني لا أمر به، فيستثنى العدوّ من المعنى، وليس ذلك كذلك في قوله (لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) لأن معنى الكلام: لا يملك هؤلاء الكفار إلا من آمن بالله، فالمؤمنون ليسوا من أعداد الكافرين، ومن نصبه على أن معناه إلا لمن اتخذ عند الرحمن عهدا، فإنه ينبغي أن يجعل قوله لا يملكون الشفاعة للمتقين، فيكون معنى الكلام حينئذ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا، لا يملكون الشفاعة، إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا، فيكون معناه عند ذلك، إلا لمن اتخذ عند الرحمن عهدا. فأما إذا جعل لا يملكون الشفاعة خبرا عن المجرمين، فإن "من" تكون حينئذ نصبا على أنه استثناء منقطع، فيكون معنى الكلام: لا يملكون الشفاعة، لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا يملكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>