للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى: لم يبرح، أو لم يرد يبرح، وإلا ضعف المعنى; قال: وكذلك قول أبي النجم:

وإنْ أتاكَ نَعِيّ فانْدُبَنَّ أبا ... قَدْ كَادَ يَضطْلِعُ الأعْداءَ والخُطَبَا (١)

وقال: يكون المعنى: قد اضطلع الأعداء، وإلا لم يكن مدحا إذا أراد كاد ولم يرد يفعل.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن الساعة آتية أكاد، قال: وانتهى الخبر عند قوله أكاد لأن معناه: أكاد أن آتي بها، قال: ثم ابتدأ فقال: ولكني أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى، قال: وذلك نظير قول ابن ضابي:

هَمَمَتُ وَلَمْ أفْعَلْ وكِدْتُ ولَيْتَنِي ... تَرَكْتُ على عثمانَ تَبْكِي أقارِبُهُ (٢)

فقال: كدت، ومعناه: كدت أفعل.

وقال آخرون: معنى (أُخفيها) أظهرها، وقالوا: الإخفاء والإسرار قد توجههما العرب إلى معنى الإظهار، واستشهد بعضهم لقيله ذلك ببيت الفرزدق:


(١) البيت لأبي النجم كما قال المؤلف، والشاهد في قوله " كاد يضطلع " فقد ذهب المؤلف أن معناه: قد اضطلع الأعداء وإلا لم يكن مدحا إذا أراد كاد. ولم يرد يفعل، وعلى التخريج للبيت يكون الفعل (كاد) صلة (زائدة) ، مثل الشاهدين السابقين عليه عنده. ويضطلع الأعداء: أي يضطلع بهم وبالخطب، أسقط البا، فعدى الفعل بنفسه إلى المعمول الذي كان مجرورا بالباء قبل إسقاطها. يقال اضطلع بحمله، أي قوي عليه ونهض به. وهو من الضلاعة أي القوة. وفي (اللسان: ضلع) : واضطلع الحمل أي احتمله أضلاعه. وقال ابن السكيت: يقال: هو مضطلع بحمله، أي قوي على حمله، وهو مفتعل مج الضلاعة. والنعي: الناعي الذي يخبر بموت من مات.
(٢) البيت لضابئ ابن الحارث البرجمي، حبسه الخليفة عثمان، لأنه كان فاحشا، هجا قوما فأراد عثمان تأديبه، فلما دعي ليؤدب، شد سكينا في ساقه، ليقتل بها عثمان، فعثر عليه، ثم ضرب وأعيد إلى السجن حتى مات فيه. والبيت من مقطوعة لأمية له أنشدها أبو العباس المبرد انظر (رغبة الآمل، بشرح الكامل للمرصفي ٤: ٩١) . فلا تتبعيني إن هلكت ملامة ... فليس بعار قتل من لا أقاتله
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله
والشاهد في قوله: كدت، أي كدت أفعل ما هممت به من قتل عثمان. وهو نظير ما في القرآن (إن الساعة آتية أكاد) ذهب قوم إلى أن معناه: أكاد أن آتي بها. ثم ابتدأ فقال: ولكني أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى والبيت لضابئ لا لابنه كما قال المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>