للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النساء، وجعل النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع، فأبى أن يأخذ، فقالت أخته: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ) ؟ فأخذوها وقالوا: بل قد عرفت هذا الغلام، فدلينا على أهله، قالت: ما أعرفه، ولكن إنما قلت هم للملك ناصحون.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قالت، يعني أم موسى لأخته: قصيه فانظري ماذا يفعلون به، فخرجت في ذلك (فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) وقد احتاج إلى الرضاع والتمس الثدي، وجمعوا له المراضع حين ألقى الله محبتهم عليه، فلا يؤتى بامرأة، فيقبل ثديها، فيرمضهم ذلك، فيؤتى بمرضع بعد مرضع، فلا يقبل شيئا منهم، فقالت لهم أخته حين رأت من وجدهم به وحرصهم عليه (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ) أي لمنزلته عندكم وحرصكم على مسرّة الملك، وعنى بقوله: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ) هل أدلكم على من يضمه إليه فيحفظه ويرضعه ويربيه، وقيل: معنى (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) ضمها.

وقوله (فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ) يقول تعالى ذكره: فرددناك إلى أمك بعد ما صرت في أيدي آل فرعون، كيما تقرّ عينها بسلامتك ونجاتك من القتل والغرق في اليم، وكيلا تحزن عليك من الخوف من فرعون عليك أن يقتلك.

كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما قالت أخت موسى لهم ما قالت، قالوا: هات، فأتت أمه فأخبرتها، فانطلقت معها حتى أتتهم، فناولوها إياه، فلما وضعته في حجرها أخذ ثديها، وسرّوا بذلك منه، وردّه الله إلى أمه كي تقرّ عينها، ولا تحزن، فبلغ لطف الله لها وله، أن ردّ عليها ولدها وعطف عليها نفع فرعون وأهل بيته مع الأمنة من القتل الذي يتخوف على غيره، فكأنهم كانوا من أهل بيت فرعون في الأمان والسعة، فكان على فرش فرعون وسرره.

وقوله (وَقَتَلْتَ نَفْسًا) يعني جلّ ثناؤه بذلك: قتله القبطي الذي قتله حين استغاثه عليه الإسرائيلي، فوكزه موسى. وقوله (فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ) يقول تعالى ذكره: فنجيناك من غمك بقتلك النفس التي قتلت، إذ أرادوا أن يقتلوك

<<  <  ج: ص:  >  >>