للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حلالا والمباح محظورا، والمحظور مباحا. ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي، والحظر والإطلاق، والمنع والإباحة. فأما الأخبار، فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ.

* * *

وأصل"النسخ" من"نسخ الكتاب"، وهو نقله من نسخة إلى أخرى غيرها. فكذلك معنى"نسخ" الحكم إلى غيره، إنما هو تحويله ونقل عبارته عنه إلى غيرها. (١) فإذا كان ذلك معنى نسخ الآية، فسواء - إذا نسخ حكمها فغير وبدل فرضها، ونقل فرض العباد عن اللازم كان لهم بها - أَأُقر خطها فترك، أو محي أثرها، فعفِّي ونسي، (٢) إذ هي حينئذ في كلتا حالتيها منسوخة، والحكم الحادث المبدل به الحكم الأول، والمنقول إليه فرض العباد، هو الناسخ. يقال منه:"نسخ الله آية كذا وكذا ينسخه نسخا، و "النُّسخة" الاسم. وبمثل الذي قلنا في ذلك كان الحسن البصري يقول:

١٧٤٥ - حدثنا سوار بن عبد الله العنبري قال، حدثنا خالد بن الحارث قال، حدثنا عوف، عن الحسن أنه قال في قوله: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها) ، قال: إن نبيكم صلى الله عليه وسلم أقرئ قرآنا، ثم نسيه فلم يكن شيئا، (٣) ومن القرآن ما قد نسخ وأنتم تقرءونه.

* * *

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (ما ننسخ) فقال بعضهم بما:-


(١) في المطبوعة: "عنه إلى غيره"، وفي تفسير ابن كثير: "ونقل عبارة إلى غيرها". والصواب ما أثبت.
(٢) في المطبوعة: "أوفر حظها فترك، أو محي أثرها فعفي أو نسي"، وهي جملة حشيت تصحيفا وخلطا. ومراد الطبري أن النسخ، وهو تغير الحكم، قد يكون مع إقرار الخط كما هو، والإتيان بحكم آخر في عبارة أخرى - أو رفع الخط، ونسيان الناس ما حفظوه عند التنزيل. وقوله"عفي"، من قولهم: عفا الأثر يعفو: درس وذهب. وعفاه يعفيه (بالتشديد) : طمسه وأذهبه.
هذا والجملة التالية: "إذ هي في كلتا حالتيها منسوخة"، وحديث الحسن الآتي، يدل على صواب ما أثبته في قراءة نص الطبري.
(٣) في المطبوعة: "قال أقرئ قرآنا"، سقط منه ما أثبته، وسيأتي على الصواب في الأثر برقم: ١٧٥٤، ومنه زدت هذه الزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>