حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله (لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى) يقول: (لا تخافُ) من آل فرعون (دَرَكًا وَلا تَخْشَى) من البَحْرِ غرقا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى) يقول: لا تخاف أن يدركك فرعون من بعدك ولا تخشى الغرق أمامك.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جُرَيْج: قال أصحاب موسى: هذا فرعون قد أدركنا، وهذا البحر قد غشينا، فأنزل الله (لا تَخَافُ دَرَكًا) أصحاب فرعون (ولا تَخْشَى) من البحر وحلا.
حدثني أحمد بن الوليد الرملي، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا هشيم، عن بعض أصحابه، في قوله (لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى) قال: الوَحَل.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (لا تَخَافُ دَرَكًا) فقرأته عامَّة قرّاء الأمصار غير الأعمش وحمزة: (لا تَخَافُ دَرَكًا) على الاستئناف بلا كما قال: (وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا) فرفع، وأكثر ما جاء في هذا الأمر الجواب مع "لا". وقرأ ذلك الأعمش وحمزة (لا تَخَفْ دَرَكا) فجزما لا تخاف على الجزاء، ورفعا (وَلا تَخْشَى) على الاستئناف، كما قال جلّ ثناؤه (يُوَلُّوكُمُ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) فاستأنف بثم، ولو نوى بقوله:(وَلا تَخْشَى) الجزم، وفيه الياء، كان جائزا، كما قال الراجز:
هُزّي إلَيْكِ الجِذْعَ يجْنِيكِ الجَنى
وأعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها (لا تخافُ) على وجه الرفع، لأن ذلك أفصح اللغتين، وإن كانت الأخرى جائزة، وكان بعض نحويي البصرة يقول: معنى قوله (لا تَخَافُ دَرَكًا) اضرب لهم طريقا لا تخاف فيه دركا، قال: وحذف فيه، كما تقول: زيد أكرمت، وأنت تريد أكرمته، وكما تقول (وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا) أي لا تجزى فيه، وأما نحويو الكوفة فإنهم