للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشكالا وبزهرة الحياة الدنيا: زينة الحياة الدنيا.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) : أي زينة الحياة الدنيا، ونصب زهرة الحياة الدنيا على الخروج من الهاء التي في قوله به من (مَتَّعْنَا بِهِ) ، كما يقال: مررت به الشريف الكريم، فنصب الشريف الكريم على فعل مررت، وكذلك قوله (إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) تنصب على الفعل بمعنى: متعناهم به زهرة في الحياة الدنيا وزينة لهم فيها، وذكر الفراء أن بعض بني فقعس أنشده:

أبَعْد الَّذِي بالسَّفْح سَفْحِ كُوَاكِب ... رَهِينَةَ رَمْسٍ مِنْ تُرَابٍ وَجَنْدَلِ (١)

فنصب رهينة على الفعل من قوله: "أبعد الذي بالسفح"، وهذا لا شك أنه أضعف في العمل نصبا من قوله (مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ) لأن العامل في الاسم وهو رهينة، حرف خافض لا ناصب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.


(١) البيت من شواهد الفراء عن بعض بني فقعس، كما قال المؤلف. وكواكب بضم الكاف: جبل بعينه، ورهينة الرمس الذي نزل واستقر به لا يبرحه. والرمس: القبر. أو التراب والصخور يوارى بها الميت في لحده. والجندل: الصخر والشاهد في البيت: نصب رهينة على الخروج كما قال المؤلف، كما نصبت " زهرة الحياة الدنيا ". قال صاحب تاج العروس: والخروج عن أئمة النحو: هو النصب على المفعولية، وهو عبارة البصريين، لأنهم يقولون في المفعول: هو منصوب على الخروج: أي خروجه عن طرفي الإسناد وعمدته، وهو كقولهم له (فضلة) . أه. أراد المؤلف أن رهينة منصوب على البدل من محل المجرور (بالسفح) ، لأنه محله النصب على المفعولية. وقد تبين أبو البقاء العكبري في " إعراب القرآن " وجوه نصب " زهرة الحياة " قال (٢: ٦٨) في نصبه أوجه: (أحدها) : أن يكون منصوبا بفعل محذوف، دل عليه " متعنا " أي جعلنا لهم زهرة الحياة الدنيا. و (الثاني) : أن يكون بدلا من موضع (به) . و (الثالث) : أن يكون بدلا من أزواج. والتقدير: ذوي زهرة؛ فحذف المضاف. ويجوز أن يكون جعل الأزواج زهرة على المبالغة. ولا يجوز على أن يكون صفة، لأنه معرفة، وأزواجا: نكرة. و (الرابع) : أن يكون على الذم، أي أذم أو أعنى. و (الخامس) : أن يكون بدلا من (ما) . اختاره بعضهم. وقال آخرون: لا يجوز؛ لأن قوله تعالى: (لنفتنهم) من صلة " متعنا "، فيلزم منه الفصل بين الصلة والموصول بالأجنبي. و (السادس) : أن يكون حالا من الهاء، أو من (ما) ، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين، وجر الحياة على البدل. وممن اختاره مكي (لعله أبو الحرم مكي بن ريان الماكسيني الضرير) ، وفيه نظر. و (السابع) : أنه تمييز لما، أو للهاء في (به) ، حكي عن الفراء، وهو غلط، لأنه معرفة. أه.

<<  <  ج: ص:  >  >>