عمرو، عن أبي سلمة، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ فِي الجُمُعَةِ لَساعَةٌ يَقَلِّلُها (١)
، قال لا يُوَافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسأْلُ اللهَ فِيها خَيْرًا إلا أتاهُ اللهُ إيَّاهُ فقال عبد الله بن سلام: قد علمت أيّ ساعة هي، هي آخر ساعات النهار من يوم الجمعة، قال الله (خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) .
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا المحاربي وعبدة بن سليمان وأسير بن عمرو، عن محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو سلمة، عن أبى هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنحوه، وذكر كلام عبد الله بن سلام بنحوه.
فتأويل الكلام إذا كان الصواب في تأويل ذلك ما قلنا بما به استشهدنا (خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ) ولذلك يستعجل ربه بالعذاب (سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) أيها المستعجلون ربهم بالآيات القائلون لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم: بل هو شاعر، فليأتنا بآية كما أرسل الأوّلون آياتي، كما أريتها من قبلكم من الأمم التي أهلكناها بتكذيبها الرسل، إذا أتتها الآيات فلا تستعجلون، يقول: فلا تستعجلوا ربكم، فإنا سنأتيكم بها ونريكموها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار (خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ) بضمّ الخاء على مذهب ما لم يسمّ فاعله. وقرأه حُميد الأعرج (خَلَقَ) بفتحها، بمعنى: خلق الله الإنسان، والقراءة التي عليها قرّاء الأمصار، هي القراءة التي لا أستجيز خلافها.
وقوله (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) يقول تعالى ذكره: ويقول هؤلاء المستعجلون ربهم بالآيات والعذاب لمحمد صلى الله عليه وسلم: متى هذا الوعد: يقول: متى يجيئنا هذا الذي تعدنا من العذاب إن كنتم صادقين فيما تعدوننا به من ذلك. وقيل (إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) كأنهم قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين به، ومتى في موضع نصب، لأن معناه: أي وقت هذا الوعد وأيّ يوم هو فهو نصب على الظرف لأنه وقت.
(١) في ابن كثير، رواية ابن أبي حاتم: " وقبض أصابعه يقللها ".