إنه لمن الظالمين، فقالوا: سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم.
*ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ) قال: قول إبراهيم حين استتبعه قومه إلى عيد لهم فأبى وقال: إني سقيم، فسمع منه وعيد أصنامهم رجل منهم استأخر، وهو الذي يقول (سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ) .
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ) قال: نرى أنه قال ذلك حيث لم يسمعوه بعد أن تولَّوا مدبرين.
وقوله (فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلا كَبِيرًا لَهُمْ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي (فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا)(١) بمعنى جمع جذيذ، كأنهم أرادوا به جمع جذيذ وجذاذ، كما يجمع الخفيف خفاف، والكريم كرام.
وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب قراءة من قرأه (جُذَاذا) بضمّ الجيم، لإجماع قرّاء الأمصار عليه، وأن ما أجمعت عليه فهو الصواب، وهو إذا قرئ كذلك مصدر مثل الرُّفات، والفُتات، والدُّقاق لا واحد له، وأما من كسر الجيم فإنه جمع للجذيذ، والجذيذ: هو فعيل صُرِف من مجذوذ إليه، مثل كسير وهشيم، والمجذوذة: المكسورة قِطَعا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا) يقول: حُطاما.
(١) في العبارة هنا قصور، ولعل بها سقطا، وسيوضحها المؤلف في كلامه الآتي بعدها. والحاصل أن قراءة عامة القراء " جذاذا " بضم الجيم، قيل هو مفرد كحطام، وقيل من الجمع العزيز. وقرأ ابن وثاب وجماعة بالكسر، وهو جذيذ، ونظيره كريم وكرام.