ذلك، فلم يقم إلا ذلك الفتى، فقال: تعال، فخلى بينه وبين ملكه، فقام الفتى ليلة، فلما أصبح جعل يحكم بين بني إسرائيل، فلما انتصف النهار دخل ليقيل، فأتاه الشيطان في صورة رجل من بني آدم، فجذب ثوبه، فقال: أتنام والخصوم ببابك؟ قال: إذا كان العشية فأتني، قال: فانتظره بالعشيّ فلم يأته، فلما انتصف النهار دخل ليقيل، جذب ثوبه، وقال: أتنام والخصوم على بابك؟ قال: قلت لك: ائتني العشيّ فلم تأتني، ائتني بالعشي، فلما كان بالعشيّ انتظره فلم يأت، فلما دخل ليقيل جذب ثوبه، فقال: أتنام والخصوم ببابك؟ قال: أخبرني من أنت، لو كنت من الإنس سمعت ما قلت، قال: هو الشيطان، جئت لأفتنك فعصمك الله مني، فقضى بين بني إسرائيل بما أنزل الله زمانا طويلا وهو ذو الكفل، سمي ذا الكفل لأنه تكفل بالملك.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي موسى الأشعري، قال وهو يخطب الناس: إن ذا الكفل لم يكن نبيا ولكن كان عبدا صالحا، تكفل بعمل رجل صالح عند موته، كان يصلي لله كل يوم مائة صلاة، فأحسن الله عليه الثناء في كفالته إياه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم، قال: ثنا عمرو، قال: أما ذو الكفل فإنه كان على بني إسرائيل ملك، فلما حضره الموت، قال: من يكفل لي أن يكفيني بني إسرائيل، ولا يغضب، ويصلي كل يوم مائة صلاة، فقال ذو الكفل: أنا، فجعل ذو الكفل يقضي بين الناس، فإذا فرغ صلى مائة صلاة، فكاده الشيطان، فأمهله حتى إذا قضى بين الناس، وفرغ من صلاته وأخذ مضجعه فنام، أتى الشيطان بابه فجعل يدقه، فخرج إليه، فقال: ظُلمت وصُنع بي، فأعطاه خاتمه وقال: اذهب فأتني بصاحبك، وانتظره، فأبطأ عليه الآخر، حتى إذا عرف أنه قد نام وأخذ مضجعه، أتى الباب أيضا كي يغضبه، فجعل يدقه، وخدش وجه نفسه فسالت الدماء، فخرج إليه فقال: ما لك؟ فقال: لم يتبعني، وضُربت وفعل، فأخذه ذو الكفل، وأنكر أمره، فقال: أخبرني من أنت؟ وأخذه أخذا شديدا، قال: فأخبره من هو.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (وَذَا الْكِفْلِ) قال: قال أبو موسى الأشعري: لم يكن ذو الكفل