مغاضبا لقومه، لأن ذهابه عن قومه مغاضبا لهم، وقد أمره الله تعالى بالمقام بين أظهرهم، ليبلغهم رسالته، ويحذّرهم بأسه، وعقوبته على تركهم الإيمان به، والعمل بطاعتك لا شك أن فيه ما فيه، ولولا أنه قد كان صلى الله عليه وسلم أتى ما قاله الذين وصفوه بإتيان الخطيئة، لم يكن الله تعالى ذكره ليعاقبه العقوبة التي ذكرها في كتابه، ويصفه بالصفة التي وصفه بها، فيقول لنبيه صلى الله عليه وسلم (وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ) وَيَقُولُ (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) .
وقوله (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: فظنّ أن لن نعاقبه بالتضييق عليه من قولهم قدرت على فلان: إذا ضيقت عليه، كما قال الله جلّ ثناؤه (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) .
*ذكر من قال ذلك: حدثني علي، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) يقول: ظنّ أن لن يأخذه العذاب الذي أصابه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) يقول: ظنّ أن لن نقضي عليه عقوبة ولا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه إذ غضب عليهم، وفراره وعقوبته أخذ النون إياه.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، أنه قال في هذه الآية (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) قال: فظنّ أن لن نعاقبه بذنبه.
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا زيد بن حباب، قال: ثني شعبة، عن مجاهد، ولم يذكر فيه الحكم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) قال: يقول: ظنّ أن لن نعاقبه.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن