(وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) كانت عاقرا، فجعلها الله ولودا، ووهب له منها يحيى.
وقال آخرون: كانت سيئة الخلق، فأصلحها الله له بأن رزقها حُسن الخُلُق.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أصلح لزكريا زوجه، كما أخبر تعالى ذكره بأن جعلها ولودا حسنة الخُلُق، لأن كل ذلك من معاني إصلاحه إياها، ولم يخصُصِ الله جلّ ثناؤه بذلك بعضا دون بعض في كتابه، ولا على لسان رسوله، ولا وضع، على خصوص ذلك دلالة، فهو على العموم ما لم يأت ما يجب التسليم له بأن ذلك مراد به بعض دون بعض.
وقوله (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) يقول الله: إن الذين سميناهم، يعني زكريا وزوجه ويحيى، كانوا يسارعون في الخيرات في طاعتنا، والعمل بما يقرّبهم إلينا، وقوله (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) يقول تعالى ذكره: وكانوا يعبدوننا رغبا ورهبا، وعنى بالدعاء في هذا الموضع: العبادة، كما قال (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا) ويعنى بقوله (رَغَبا) أنهم كانوا يعبدونه رغبة منهم فيما يرجون منه من رحمته وفضله (وَرَهَبا) يعني رهبة منهم من عذابه وعقابه، بتركهم عبادته وركوبهم معصيته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) قال: رغبا في رحمة الله، ورهبا من عذاب الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) قال: خوفا وطمعا، قال: وليس ينبغي لأحدهما أن يفارق الآخر.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار (رَغَبًا وَرَهَبًا) بفتح الغين والهاء من الرغَب والرهَب، واختلف عن الأعمش في ذلك، فرُويت عنه الموافقة في ذلك للقرّاء، ورُوي عنه أنه قرأها رُغْبا ورُهْبا بضم الراء في الحرفين وتسكين الغين والهاء.