للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اختلفت القرّاء في قراءة قوله (وَحَرَامٌ) فقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة (وَحِرْمٌ) بكسر الحاء، وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة (وَحَرَامٌ) بفتح الحاء والألف.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متفقتا المعنى غير مختلفتيه، وذلك أن الحِرْم هو الحرام، والحرام هو الحِرْم، كما الحلّ هو الحلال والحلال هو الحل، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وكان ابن عباس يقرؤه: (وَحِرم) بتأويل: وعزم.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا بن علية، عن أبي المعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، كان يقرؤها (وَحِرْمَ على قرية) قال: فقلت، لسعيد: أيّ شيء حرم؟ قال: عزم.

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي المعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، كان يقرؤها (وحِرْمٌ عَلى قَرْيةٍ) قلت لأبي المعلى: ما الحرم؟ قال: عزم عليها.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه كان يقرأ هذه الآية (وَحِرْمٌ عَلى قَرْيَة أهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) فلا يرجع منهم راجع، ولا يتوب منهم تائب.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود عن عكرمة، قال (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) قال: لم يكن ليرجع منهم راجع، حرام عليهم ذلك.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا عيسى بن فرقد، قال: ثنا جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر عن الرجعة، فقرأ هذه الآية (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) .

فكأن أبا جعفر وجه تأويل ذلك إلى أنه: وحرام على أهل قرية أمتناهم أن يرجعوا إلى الدنيا، والقول الذي قاله عكرمة في ذلك أولى عندي بالصواب، وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن تفريق الناس دينهم الذي بُعث به إليهم الرسل، ثم أخبر عن صنيعه بمن عم بما دعته إليه رسله من الإيمان به والعمل بطاعته، ثم أتبع ذلك قوله (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) فلأن يكون ذلك خبرا عن صنيعه بمن أبى إجابة رسله وعمل بمعصيته، وكفر به،

<<  <  ج: ص:  >  >>