في تلك الشعائر منافع إلى أجل مسمى، إذا ذهبت تلك الأيام لم تر أحدا يأتي عرفة يقف فيها يبتغي الأجر، ولا المزدلفة، ولا رمي الجمار، وقد ضربوا من البلدان لهذه الأيام التي فيها المنافع، وإنما منافعها إلى تلك الأيام، وهي الأجل المسمى، ثم محلها حين تنقضي تلك الأيام إلى البيت العتيق.
قال أبو جعفر: وقد دللنا قبل على أن قول الله تعالى ذكره: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) معنّي به: كلّ ما كان من عمل أو مكان جعله الله علما لمناسك حج خلقه، إذ لم يخصص من ذلك جلّ ثناؤه شيئا في خبر ولا عقل. وإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أن معنى قوله:(لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى) في هذه الشعائر منافع إلى أجل مسمى، فما كان من هذه الشعائر بدنا وهديا، فمنافعها لكم من حين تملكون إلى أن أوجبتموها هدايا وبدنا، وما كان منها أماكن ينسك لله عندها، فمنافعها التجارة لله عندها والعمل بما أمر به إلى الشخوص عنها، وما كان منها أوقاتا بأن يُطاع الله فيها بعمل أعمال الحجّ وبطلب المعاش فيها بالتجارة، إلى أن يطاف بالبيت في بعض، أو يوافي الحرم في بعض ويخرج عن الحرم في بعض.
وقال اختلف الذين ذكرنا اختلافهم في تأويل قوله:(لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى) في تأويل قوله: (ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق) فقال الذين قالوا عني بالشعائر في هذا الموضع: البُدْن معنى ذلك ثم محل البدن إلى أن تبلغ مكة، وهي التي بها البيت العتيق.
*ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: أخبرنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء:(ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق) إلى مكة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق) يعني محل البدن حين تسمى إلى البيت العتيق.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال:(ثُمَّ مَحِلُّها) حين تسمى هديا (إلى البيْتِ العتِيق) ، قال: