للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

*ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قَتادة: (وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) قال: كان أهله شيَّدوه وحصَّنوه، فهلكوا وتركوه.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، مثله.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عُبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: (وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) يقول: طويل.

وأولى القولين في ذلك بالصواب: قول من قال: عني بالمشيد المجصص، وذلك أن الشيد في كلام العرب هو الجصّ بعينه; ومنه قول الراجز:

كَحَبَّةِ المَاءِ بينَ الطَّيّ والشِّيدِ (١)

فالمشيد: إنما هو مفعول من الشِّيد; ومنه قول امرئ القيس:

وتَيْماءَ لَمْ يَتْرُكْ بِها جِذْعَ نَخْلَةٍ ... وَلا أُطُما إلا مَشيدًا بِجَنْدَلِ (٢)


(١) هذا عجز بيت من البسيط، وليس من الرجز. وقال في اللسان: وحبب الماء بالكسر، وحببه وحبابه بالفتح: طرائقه والطي: الحجارة تبنى بها جدار البئر. والشيد، بكسر الشين: كل ما طلي به الحائط من جص أو بلاط، وبالفتح: المصدر تقول شاده يشيده شيدا: جصصه، وبناء مشيد: معمول بالشيد.
(٢) البيت لامرئ القيس يصف السيل في معلقته المشهورة (مختار الشعر الجاهلي، بشرح مصطفى السقا، طبعة الحلبي، ص ٣٣) قال شارحه: تيماء: مدينة. والأطم: البيت المسطح، ويروى " ولا أجما "، وهو بمعنى الأطم. يقول: لم يدع السيل بيتا مبينا بحصى وحجارة إلا هدمه إلا المشيد بجندل فإنه سلم لقوته.
وفي (اللسان: شيد) : وبناء مشيد: معمول بالشيد. وكل ما أحكم من البناء فقد شيد، وتشييد البناء إحكامه ورفعه، والمشيد: المبني بالشيد وأنشد: " شاده مرمرا. . . البيت ". قال أبو عبيدة: البناء: المشيد (بالتشديد) : المطول. والمفهوم من نصوص اللغويين من بيت امرئ القيس ومن بيت عدي بن زيد الآتي بعد هذا، أن البناء المشيد بالتخفيف: هو المطول الذاهب في السماء، أو هو المحكم القوي. فيكون للمشيد إذن معنيان: الأول هو المطلي بالجص ونحوه لتزيينه. والثاني هو المبني بالجص ونحوه مع الصخور أو المرمر ... الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>