للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) .

قال (١) ثني حجاج عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القُرظِي، قال: ثني عَبْدة المروزِيّ، عن عبد الله بن المبارك، عن عمرو بن أبي ليلى، قال: سمعت محمد بن كعب، زاد أحدهما على صاحبه: قال محمد بن كعب: بلغني، أو ذُكر لي، أن أهل النار استغاثوا بالخزنة، ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب، فردّوا عليهم ما قال الله، فلما أيسوا نادَوا: يا مالك، وهو عليهم، وله مجلس في وسطها، وجسور تمرّ عليها ملائكة العذاب، فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: يا مالك، ليقض علينا ربك، سألوا الموت، فمكث لا يجيبهم ثمانين ألفَ سنة من سني الآخرة، أو كما قال، ثم انحط إليهم، فقال: (إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ) فلما سمعوا ذلك قالوا: فاصبروا، فلعلّ الصبر ينفعنا، كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله، قال: فصبروا، فطال صبرهم، فنادوا (سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ) أي مَنْجى. فقام إبليس عند ذلك فخطبهم، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ فلما سمعوا مقالته، مَقَتُوا أنفسهم، قال: فنُودوا (لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمَانِ فَتَكْفُرُونَ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا) الآية، قال: فيجيبهم الله (ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) قال: فيقولون: ما أيسنا بعد؛ قال: ثم دعوا مرّة أخرى، فيقولون: (رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ) قال: فيقول الرب تبارك وتعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) يقول الرب: لو شئت لهديت الناس جميعا، فلم يختلف منهم أحد (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا) يقول: بما تركتم أن تعملوا ليومكم هذا (إِنَّا نَسِينَاكُمْ) أي تركناكم (وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) قال: فيقولون: ما أيسنا بعد، قال: فيدعون مرّة أخرى: (رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) قال: فيقال لهم: (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) ... الآية، قال: فيقولون: ما أيسنا بعد ثم قالوا مرّة أخرى: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) قال: فيقول: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ


(١) لعل القائل هنا أيضًا: هو القاسم، راوي الحديث بالإسناد السابق على هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>