حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال: ابن زيد، في قوله:(أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) قال: هو الذي يتبع القوم، حتى كأنه كان منهم ونشأ فيهم، وليس يتبعهم لإربة نسائهم، وليس له في نسائهم إربة. وإنما يتبعهم لإرفاقهم إياه.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رجل يدخل على أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم مخنث، فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة، فقال: إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:"لا أرَى هَذَا يَعْلَمُ ما هَاهُنا، لا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُمْ " فحجبوه.
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، قال: ثنا حفص بن عمر العدني، قال: ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله:(أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ) قال: هو المخنث الذي لا يقوم زبه.
واختلف القرّاء فى قوله:(غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ) فقرأ ذلك بعض أهل الشام، وبعض أهل المدينة والكوفة "غَيْرَ أُولي الإرْبَةِ" بنصب غير، ولنصب غير، هاهنا وجهان: أحدهما على القطع من التابعين، لأن التابعين معرفة وغير نكرة، والآخر على الاستثناء، وتوجيه غير إلى معنى "إلا"، فكأنه قيل: إلا. وقرأ غير من ذكرت بخفض "غَيْرِ" على أنها نعت للتابعين، وجاز نعت "التابعين" ب"غير" و"التابعون" معرفة وغير نكرة، لأن "التابعين" معرفة غير مؤقتة. فتأويل الكلام على هذه القراءة: أو الذين هذه صفتهم.
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان متقاربتا المعنى مستفيضة القراءة بهما في الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن الخفض في "غير" أقوى في العربية، فالقراءة به أعجب إليّ والإربة: الفعلة من الأرب، مثل الجلسة من الجلوس، والمشية من المشي، وهي الحاجة، يقال: لا أرب لي فيك: لا حاجة لي فيك، وكذا أربت لكذا وكذا إذا: احتجت إليه، فأنا آرب له أربا. فأما الأربة بضم الألف: فالعقدة.
وقوله:(أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) يقول تعالى ذكره: أو الطفل الذين لم يكشفوا عن عورات النساء بجماعهنّ فيظهروا عليهن لصغرهم.