للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عني به أنه أذن لهم بتلاوة القرآن فيها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال: ثم قال: (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) يقول: يتلى فيها كتابه. وهذا القول قريب المعنى مما قلناه في ذلك؛ لأن تلاوة كتاب الله من معاني ذكر الله، غير أن الذي قلنا به أظهر معنييه، فلذلك اخترنا القول به.

وقول: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) .

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: (يُسَبِّحُ لَهُ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار (يُسَبِّحُ لَهُ) بضم الياء وكسر الباء، بمعنى يصلي له فيها رجال، ويجعل يسبح فعلا للرجال، وخبرا عنهم، وترفع به الرجال، سوى عاصم وابن عامر، فإنهما قرأا ذلك: "يُسَبَّحُ لَهُ" بضمّ الياء وفتح الباء، على ما لم يسمّ فاعله، ثم يرفعان الرجال بخبر ثان مضمر، كأنهما أرادا: يُسَبَّحُ الله في البيوت التي أذن الله أن ترفع، فسبَّح له رجال، فرفعا الرجال بفعل مضمر، والقراءة التي هي أولاهما بالصواب، قراءة من كسر الباء، وجعله خبرا للرجال وفعلا لهم. وإنما كان الاختيار رفع الرجال بمضمر من الفعل لو كان الخبر عن البيوت، لا يتمّ إلا بقوله: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا) ، فأما والخبر عنها دون ذلك تامّ، فلا وجه لتوجيه قوله: (يُسَبِّحُ لَهُ) إلى غيره أي (١) غير الخبر عن الرجال. وعني بقوله: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) يصلي له في هذه البيوت بالغُدُوات والعشيات رجال.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ بن الحسن الأزدي، قال: ثنا المعافى بن عمران، عن سفيان، عن عمار الدهني (٢) عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: كلّ تسبيح في القرآن فهو صلاة.

حدثني عليّ، قال ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال: ثم قال: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) يقول: يصلي له فيها بالغداة والعشيّ،


(١) في الأصل: إلى غير. ولعله تحريف.
(٢) هو عمار بن معاوية الدهني بضم المهملة، الكوفي، وثقه أحمد مات سنة ١٣٣، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>