عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:(أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ) ... إلى قوله:(مِنْ نُورٍ) قال: يعني بالظلمات: الأعمال، وبالبحر اللجّي: قلب الإنسان، قال: يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، قال: ظلمات بعضها فوق بعض، يعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر، وهو كقوله:(خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) ... الآية، وكقوله:(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) ... إلى قوله:(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) .
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة في قوله:(أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ) عميق، وهو مثل ضربه الله للكافر، يعمل في ضلالة وحيرة، قال:(ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) .
ورُوي عن أُبيّ بن كعب ما حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب، في قوله:(أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ) ... الآية، قال: ضرب مثلا آخر للكافر، فقال:(أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ) ... الآية، قال: فهو يتقلب في خمس من الظلم: فكلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة إلى النار.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن أبي الربيع، عن أبي العالية، عن أُبيّ بن كعب، بنحوه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) ... إلى قوله:(ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) قال: شرّ بعضه فوق بعض.
وقوله:(إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا) يقول: إذا أخرج الناظر يده في هذه الظلمات لم يكد يراها.
فإن قال لنا قائل: وكيف قيل: (لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا) ، مع شدّة هذه الظلمة التي وصف، وقد علمت أن قول القائل: لم أكد أرى فلانا، إنما هو إثبات منه لنفسه رؤيته بعد جهد وشدّة، ومن دون الظلمات التي وصف في هذه الآية ما لا يرى الناظر يده إذا أخرجها فيه، فكيف فيها؟ قيل في ذلك أقوال نذكرها، ثم نخبر بالصواب من