الجَنَّةَ يَوْمَ القِيَامَةِ الْعَبْدُ الأسْوَدُ". وذلك أن الله تبارك وتعالى بعث نبيا إلى أهل قرية فلم يؤمن مِنْ أهلها أحد إلا ذلك الأسود، ثم إن أهل القرية عدوا على النبيّ عليه السلام، فحفروا له بئرا فألقوه فيها، ثم أطبقوا عليه بحجر ضخم، قال: وكان ذلك العبد يذهب فيحتطب على ظهره، ثم يأتي بحطبه فيبيعه، فيشتري به طعاما وشرابا، ثم يأتي به إلى ذلك البئر، فيرفع تلك الصخرة، فيعينه الله عليها، فيدلي إليه طعامه وشرابه، ثم يعيدها كما كانت، قال: فكان كذلك ما شاء الله أن يكون. ثم إنه ذهب يوما يحتطب، كما كان يصنع، فجمع حطبه، وحزم حزمته وفرغ منها; فلما أراد أن يحتملها وجد سِنة، فاضطجع فنام، فضرب الله على أذنه سبع سنين نائما. ثم إنه هبّ فتمطى، فتحوّل لشقة الآخر، فاضطجع، فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى. ثم إنه هبّ فاحتمل حزمته، ولا يحسب إلا أنه نام ساعة من نهار، فجاء إلى القرية فباع حزمته، ثم اشترى طعاما وشرابا كما كان يصنع ثم ذهب إلى الحفرة في موضعها التي كانت فيه فالتمسه فلم يجده، وقد كان بدا لقومه فيه بداء، فاستخرجوه وآمنوا به وصدّقوه، قال: فكان النبي عليه السلام يسألهم عن ذلك الأسود ما فعل؟ فيقولون: ما ندري، حتى قبض الله النبيّ، فأهبّ الله الأسود من نومته بعد ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ ذَلكَ الأسْودَ لأوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ" غير أن هؤلاء في هذا الخبر يذكر محمد بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنهم آمنوا بنبيهم واستخرجوه من حفرته، فلا ينبغي أن يكونوا المعنيين بقوله:(وَأَصْحَابَ الرَّسِّ) لأن الله أخبر عن أصحاب الرّسّ أنه دمرهم تدميرا، إلا أن يكونوا دمروا بأحداث أحدثوها بعد نبيهم الذي استخرجوه من الحفرة وآمنوا به، فيكون ذلك وجها (وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا) يقول: ودمرنا بين أضعاف هذه الأمم التي سمَّيناها لكم أمما كثيرة.
كما حدثنا الحسن بن شبيب، قال: ثنا خلف بن خليفة، عن جعفر بن عليّ بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلفت بالمدينة عمي ممن يفتي على أن القرن سبعون سنة، وكان عمه عبيد الله بن أبي رافع كاتب عليّ رضي الله عنه.
حدثنا عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا حفص بن غياث، عن الحجاج، عن