يعني بقوله: يمشين خلفة: تذهب منها طائفة، وتخلف مكانها طائفة أخرى. وقد يحتمل أن زُهَيرا أراد بقوله: خلفة: مختلفات الألوان، وأنها ضروب في ألوانها وهيئاتها. ويحتمل أن يكون أراد أنها تذهب في مشيها كذا، وتجيء كذا.
وقوله (لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) يقول تعالى ذكره: جعل الليل والنهار، وخلوف كل واحد منهما الآخر حجة وآية لمن أراد أن يذكَّر أمر الله، فينيب إلى الحق (أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) أو أراد شكر نعمة الله التي أنعمها عليه في اختلاف الليل والنهار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) قال: شكر نعمة ربه عليه فيهما.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله:(لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) ذاك آية له (أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) قال: شكر نعمة ربه عليه فيهما.
واختلف القرّاء في قراءة قوله:(يَذَّكَّرَ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (يَذَّكَّرَ) مشددة، بمعنى يتذكر. وقرأه عامة قرّاء الكوفيين:"يَذْكُرَ"
(١) البيت من معلقة زهير بن أبي سلمى (مختار شعر الجاهلي، بشرح مصطفى السقا، طبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ص ٢٢٨) قال شارحه: العين: جمع عيناء، بقر الوحش. والآرام: جمع رئم، وهو الظبي الخالص البياض. وخلفة: يخلف بعضها بعضًا. والأطلاء: جمع الطلا، وهو الولد من ذوات الظلف. والمجثم: المربض، والشاهد في البيت عند المؤلف في قوله "خلفة" كما في الشاهد الذي قبله: أي يذهب بعضها ويخلفه بعض.