للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمعنى الكلام: سبحان الله أنى يكون له ولد وهو مالك ما في السموات والأرض، تشهد له جميعا بدلالتها عليه بالوحدانية، وتقر له بالطاعة، وهو بارئها وخالقها، وموجدها من غير أصل، ولا مثال احتذاها عليه؟

* * *

وهذا إعلام من الله جل ثناؤه عباده، أن مما يشهد له بذلك: المسيح، الذي أضافوا إلى الله جل ثناؤه بنوته، وإخبار منه لهم أن الذي ابتدع السموات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال، هو الذي ابتدع المسيح من غير والد بقدرته. (١) وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

١٨٥٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: (بديع السموات والأرض) ، يقول: ابتدع خلقها، ولم يشركه في خلقها أحد.

١٨٥٩- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (بديع السموات والأرض) ، يقول: ابتدعها فخلقها، ولم يُخلق قبلها شيء فيتمثل به. (٢)

* * *


(١) نقل ابن كثير في تفسيره ١: ٢٩٤، عبارة الطبري ثم قال: "وهذا من ابن جرير رحمه الله كلام جيد، وعبارة صحيحة"، فاستحسن ابن كثير ما خف محمله، ولكن ما ثقل عليه آنفًا (انظر ص: ٥٢٢ تعليق: ١) كان مثارا لاعتراضه، مع أنه أعلى وأجود وأدق وألطف، وأصح عبارة، وأعمق غورا. وهذا عجب من العجب فيما ناله ابن جرير من قلة معرفة الناس بسلامة فهمه، ولطف إدراكه.
(٢) الأثر: ١٨٥٩- كان في المطبوعة: "ولم يخلق مثلها شيئا فتتمثل به"، وهو كلام فاسد. والصواب في الدر المنثور ١: ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>