للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) قال: من المسحورين.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتاده، في قوله: (إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) قال: إنما أنت من المسحورين.

وقال آخرون: معناه: من المخلوقين.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عبيد، قال: ثنا موسى بن عمرو، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله: (إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) قال: من المخلوقين.

واختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى ذلك، فكان بعض أهل البصرة يقول: كل من أكل من إنس أو دابة فهو مسحر، وذلك لأن له سحرا يقري ما أكل فيه، واستشهد على ذلك بقول لبيد:

فَإِنْ تَسْأَلينا فِيمَ نَحْنُ فإنَّنا ... عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الأنامِ المُسَحَّر (١)

وقال بعض نحويي الكوفيين نحو هذا، غير أنه قال: أخذ من قولك: انتفخ سحرك: أي أنك تأكل الطعام والشراب، فتُسَحَّر به وتعلل. وقال: معنى قول لبيد: "من هذا الأنام المسحر": من هذا الأنام المعلل المخدوع. قال: ويُروى أن السحر من ذلك، لأنه كالخديعة.


(١) سبق الاستشهاد ببيت لبيد هذا في (١٥: ٩٦) وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (مصورة الجامعة الورقة ١٧٤) قال: وكل من أكل من إنس أو دابة فهو مسحر، وذلك أن له سحرًا يقرى فيه ما أكل، قال لبيد (وأنشد البيت) . وفي (اللسان: سحر) / سحره بالطعام والشراب يسحره سحرًا، وسحره: غذاه وعلله. وقيل: خدعه. والسحر: الغذاء. قال امرؤ القيس: أرَانَا مُوضِعِينَ لأَمْرِ غَيْبٍ ... وَنُسْحَرُ بِالطَّعَامِ وَبِالْشَّرَابِ
موضعين: مسرعين. ولأمر غيب: يريد الموت وأنه قد غيب عنا وقته، ونحن نلهى عنه بالطعام والشراب والسحر: الخديعة. وقول لبيد: "فإن تسألينا.." البيت. يكون على وجهين. وقوله تعالى: (إنما أنت من المسحرين) يكون من التغذية ومن الخديعة وقال الفراء: (إنما أنت من المسحرين) : قالوا لنبي الله: لست بملك، إنما أنت بشر مثلنا. قال: والمسحر: المجوف؛ كأنه أعلم، أخذ من قولك: انتفخ سحرك، أي أنك تأكل الطعام والشراب، فتعلل به. وقيل: (من المسحرين) أي: ممن سحر مرة بعد مرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>