قوله:(لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قال: هذا القرآن.
واختلف القرّاء في قراءة قوله (نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ) فقرأته عامة قرّاء الحجاز والبصرة (نزل) به مخففة (الرُّوحُ الأمِينُ) رفعا بمعنى: أن الروح الأمين هو الذي نزل بالقرآن على محمد، وهو جبريل. وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة. (نزل) مشددة الزاي (الرُّوحُ الأمِينُ) نصبا، بمعنى: أن رب العالمين نزل بالقرآن الروح الأمين، وهو جبريل عليه السلام.
والصواب من القول فى ذلك عندنا أن يقال: إنهما قراءتان مستفيضتان فى قرّاء الأمصار، متقاربتا المعنى، فأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن الروح الأمين إذا نزل على محمد بالقرآن، لم ينزل به إلا بأمر الله إياه بالنزول، ولن يجهل أن ذلك كذلك ذو إيمان بالله، وأن الله إذا أنزله به نزل.
وبنحو الذي قلنا في أن المعني بالروح الأمين في هذا الموضع جبريل قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبى، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس. في قوله:(نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ) قال: جبريل.
حدثنا الحسين، قال أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قول الله:(نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ) قال: جبريل.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج قال:(الرُّوحُ الأمِينُ) جبريل.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (الرُّوحُ الأمِينُ) قال: جبريل.
وقوله (عَلَى قَلْبِكَ) يقول: نزل به الروح الأمين فتلاه عليك يا محمد، حتى وعيته بقلبك. وقوله:(لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) يقول: لتكون من رسل الله الذين كانوا ينذرون من أرسلوا إليه من قومهم، فتنذر بهذا التنزيل قومك المكذّبين بآيات الله. وقوله:(بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) يقول: لتنذر قومك بلسان عربي مبين، يبين لمن سمعه أنه عربي، وبلسان العرب نزل، والباء من قوله (بلسان) من صلة قوله: (نزلَ) ، وإنما ذكر