جبل، فعلا أعلاها حجرا، ثم قال:"يا آل عَبْدِ مَنافاه، يا صَباحاه، إنّي نَذِيرٌ، إنَّ مَثَلِي وَمَثَلَكُمْ مَثَل رَجُلٍ أتى الجَيْشُ، فَخَشِيَهُمْ على أهْلِهِ، فَذَهَبَ يَرْبَؤُهم (١) فَخَشِيَ أنْ يَسْبِقُوهُ إلى أهْلِهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِهِمْ: يا صَبَاحَاهُ"! أو كما قال.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الوهاب ومحمد بن جعفر، عن عوف، عن قسامة بن زهير، قال: بلغني أنه لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ) جاء فوضع أصبعه في أذنه، ورفع من صوته، وقال:"يا بَنِي عَبْدِ مَناف وَاصَبَاحَاهُ"!
قال: ثني أبو عاصم، قال: ثنا عوف، عن قسامة بن زهير، قال: أظنه عن الأشعري، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
حدثني عبد الله بن أبي زياد، قال: ثنا أبو زيد الأنصاري سعد بن أوس، عن عوف، قال: قال قسامة بن زهير، حدثني الأشعري، قال: لما نزلت، ثم ذكر نحوه; إلا أنه قال: وضع أصبعيه في أذنيه.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن نُمير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا، ثم نادى:"يا صَباحاهُ"، فاجتمع الناس إليه، فبين رجل يجيء، وبين آخر يبعث رسوله، فقال:"يا بَنِي هَاشِمٍ، يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، يا بَنِي فِهْرٍ، يا بَنِي يا بَنِي، أرَأَيْتَكُمْ لَوْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلا بِسَفْحِ هَذَا الجَبَلِ تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ صَدَّقْتُمُونِي؟ "قالوا: نعم، قال:"فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ"فقال أبو لهب: تبا لكم سائر اليوم، ما دعوتموني إلا لهذا؟ فنزلت:(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) .
حدثنا أبو كُرَيب وأبو السائب، قالا ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا، فقال:"يا صباحاهُ! "فاجتمعت إليه قريش، فقالوا له:
(١) يقال ربأ القوم يربؤهم، وربأ لهم إذا وقف على مكان عال، ونظر بعيدًا، يرقب عدوا أو جيشًا مغيرًا، أو نحو ذلك