للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عباس، قوله: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً) يقول: قائمة. وإنما قيل: (وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ) لأنها تجمع ثم تسير، فيحسب رائيها لكثرتها أنها واقفة، وهي تسير سيرا حثيثا، كما قال الجعدي:

بِأَرْعَنَ مِثْلَ الطَّوْدِ تَحْسِبُ أَنَّهُمْ ... وُقُوفٌ لحِاجٍ والرّكابُ تُهَمْلجُ (١)

قوله: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) وأوثق خلقه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) يقول: أحكم كلّ شيء.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) يقول: أحسن كلّ شيء خلقه وأوثقه.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) قال: أوثق كلّ شيء وسوّى.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: (أتْقَنَ) أوثق.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة: (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) يقول تعالى ذكره: إن الله ذو علم وخبرة بما يفعل عباده من خير وشرّ وطاعة له ومعصية، وهو مجازي جميعهم على جميع ذلك على الخير الخيرَ، وعلى الشرِّ الشرّ نظيره.


(١) الأرعن: يريد به الجيش العظيم، شبهه بالجبل الضخم ذي الرعان، وهي الفضول، كرعان الجبال. والرعن الأنف العظيم من الجبل تراه متقدمًا. وقيل الأرعن: هو المضطرب لكثرته. والطود: الجبل العظيم والحاج: جمع حاجة، وتهملج: تمشى الهملجة، والهملجة: سير حسن في سرعة، والبيت شاهد على أن الشيء الضخم تراه وهو يتحرك، فتحسبه ساكنًا، مع أنه مسرع في سيره جدًا، وذلك كسير الجيش، وكسير السفينة في البحر، يحسبها الناظر إليها وهي مجدة في سيرها، كأنها واقفة. وذلك هو شأن الجبال عند القيامة: تراها كأنها جامدة، وهي تسير مسرعة كالسحاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>