وقرأ ذلك أبو جعفر وأبو عمرو بفتح الياء من يصدر الرعاء عن الحوض. وأما الآخرون فإنهم ضموا الياء، بمعنى: أصدر الرعاء مواشيهم، وهما عندي قراءتان متقاربتا المعنى، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله:(وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) يقولان: لا يستطيع من الكبر والضعف أن يَسْقِيَ ماشيته.
وقوله:(فَسَقَى لَهُمَا) ذُكِرَ أنه عليه السلام فتح لهما عن رأس بئر كان عليها حَجَر لا يطيق رفعه إلا جماعة من الناس، ثم استسقى فسَقى لهما ماشيتهما منه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: فتح لهما عن بئر حجرا على فيها، فسقى لهما منها.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج بنحوه، وزاد فيه: قال ابن جُرَيج: حجرا كان لا يطيقه إلا عشرة رَهْط.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو معاوية، عن الحجاج، عن الحكم، عن شريح، قال: انتهى إلى حجر لا يرفعه إلا عشرة رجال، فرفعه وحده.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: رحمهما موسى حين (قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) فأتى إلى البئر فاقتلع صخرة على البئر كان النفر من أهل مَدْيَنَ يجتمعون عليها، حتى يرفعوها، فسقى لهما موسى دلوا فأروتا غنمهما، فرجعتا سريعا، وكانتا إنما تسقيان من فُضول الحياض.
حدثني العباس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس (فَسَقَى لَهُمَا) فجعل يغرف في الدلو ماء كثيرا حتى كانتا أوّل الرعاء ريا، فانصرفتا إلى أبيهما بغنمهما.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، وقال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قال: تصدق عليهما نبي الله صلى الله عليه وسلم، فسقى لهما، فلم يلبث أن أروى غنمهما.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أخذ دلوهما موسى، ثم تقدّم إلى السقاء بفضل قوّته، فزاحم القوم على الماء حتى أخَّرهم عنه، ثم سقى لهما.