وبنحو الذي قلنا في قوله:(أَيَّمَا الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي:(قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ) إما ثمانيا، وإما عشرًا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن عمارة بن غزية، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، وسأله رجل قال (أَيَّمَا الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ) قال: فقال القاسم: ما أبالي أيّ ذلك كان، إنما هو موعد وقضاء.
وقوله:(وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) يقول: والله على ما أوجب كلّ واحد منا لصاحبه على نفسه بهذا القول، شهيد وحفيظ.
كالذي حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد:(وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) قال: شهيد على قول موسى وخَتَنه.
وذكر أن موسى وصاحبه لما تعاقدا بينهما هذا العقد، أمر إحدى ابنتيه أن تعطي موسى عصًا من العِصِيّ التي تكون مع الرعاة، فأعطته إياه، فذكر بعضهم أنها العصا التي جعلها الله له آية.
وقال بعضهم تلك عصا أعطاه إياها جبريل عليه السلام.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: أمر -يعني أبا المرأتين- إحدى ابنتيه أن تأتيه، يعني أن تأتيَ موسى بعصا، فأتته بعصًا، وكانت تلك العصا عصًا استودعها إياه ملك في صورة رجل، فدفعها إليه، فدخلت الجارية، فأخذت العصا، فأتته بها; فلما رآها الشيخ قال: لا ائتيه بغيرها، فألقتها تريد أن تأخذ غيرها، فلا يقع في يدها إلا هي، وجعل يردّدها، وكل ذلك لا يخرج في يدها غيرها; فلما رأى ذلك عمد إليها، فأخرجها معه، فَرعَى بها. ثم إن الشيخ ندم وقال: كانت وديعة، فخرج يتلقى موسى، فلما لقيه قال: اعطني العصا، فقال موسى: هي عَصَايَ، فأبى أن يعطيه، فاختصما، فرضيا أن يجعلا بينهما أوّل رجل يلقاهما، فأتاهما ملك يمشي، فقال: ضعوها في الأرض، فمن حملها فهي له، فعالجها الشيخ فلم يطقها، وأخذ موسى بيده فرفعها، فتركها له الشيخ، فرعَى له عشر سنين. قال عبد الله بن عباس: كان موسى أحق بالوفاء.