للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو "ساحِران"؟ فلم يردّ عليّ شيئا، فقال عكرِمة: ساحران، وظننت أنه لو كره ذلك أنكره عليّ. قال حميد فلقيت عكرِمة بعد ذلك فذكرت ذلك له، وقلت كيف كان يقرؤها؟ قال: كان يقرأ "سِحْرَانِ تَظَاهَرَا" أي: التوراة والإنجيل.

* ذكر من قال: عنوا به الفرقان والإنجيل:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد، عن الضحاك، أنه قرأ (سِحْرَانِ تَظَاهَرَا) يعنون الإنجيل والفرقان.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: (قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا) قالت ذلك أعداء الله اليهود للإنجيل والفرقان، فمن قال "سَاحِرَانِ" فيقول: محمد، وعيسى ابن مريم.

قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب، قراءة من قرأه (قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا) بمعنى: كتاب موسى وهو التوراة، وكتاب عيسى وهو الإنجيل.

وإنما قلنا: ذلك أولى القراءتين بالصواب، لأن الكلام من قبله جرى بذكر الكتاب، وهو قوله: (قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى) والذي يليه من بعده ذكر الكتاب، وهو قوله: (فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ) فالذي بينهما بأن يكون من ذكره أولى وأشبه بأن يكون من ذكر غيره. وإذ كان ذلك هو الأولى بالقراءة، فمعلوم أن معنى الكلام: قل يا محمد، أو لم يكفر هؤلاء اليهود بما أوتي موسى من قبل؟ وقالوا لما أوتي موسى (١) من الكتاب وما أوتيته أنت: سحران تعاونا؟

وقوله: (وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ) يقول تعالى ذكره: وقالت اليهود: إنا بكلّ كتاب في الأرض من توراة وإنجيل، وزبور وفرقان كافرون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل، وخالفه فيه مخالفون.

* ذكر من قال مثل الذي قلنا في ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ) قالوا: نكفر أيضا بما أوتي محمد.


(١) لعله: لما أوتي عيسى ... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>