للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسباط، عن السدي: الكلمات التي ابتلى بهن إبراهيم ربه: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ) [سورة البقرة: ١٢٧-١٢٩]

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله عز وجل أخبر عباده أنه اختبر إبراهيم خليله بكلمات أوحاهن إليه، وأمره أن يعمل بهن فأتمهن، كما أخبر الله جل ثناؤه عنه أنه فعل. (١) وجائز أن تكون تلك الكلمات جميع ما ذكره من ذكرنا قوله في تأويل"الكلمات"، وجائز أن تكون بعضه. لأن إبراهيم صلوات الله عليه قد كان امتحن فيما بلغنا بكل ذلك، فعمل به، وقام فيه بطاعة الله وأمره الواجب عليه فيه. وإذ كان ذلك كذلك، فغير جائز لأحد أن يقول: عنى الله بالكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم شيئا من ذلك بعينه دون شيء، ولا عنى به كل ذلك، إلا بحجة يجب التسليم لها: من خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو إجماع من الحجة. ولم يصح في شيء من ذلك خبر عن الرسول بنقل الواحد، ولا بنقل الجماعة التي يجب التسليم لما نقلته. غير أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نظير معنى ذلك خبران، لو ثبتا، أو أحدهما، كان القول به في تأويل ذلك هو الصواب. أحدهما، ما:-

١٩٣٨- حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا رشدين بن سعد قال، حدثني زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله: (الَّذِي وَفَّى) ؟ [سورة النجم:٣٧] لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) [سورة الروم: ١٧] حتى يختم الآية. (٢)


(١) في المطبوعة: "وأتمهن" بالواو، والأجود ما أثبت.
(٢) الحديث: ١٩٣٩- إسناده منهار لا تقوم له قائمة. وقد ضعفه الطبري نفسه، هو والحديث الذي بعده. وقال ابن كثير ١: ٣٠٤- بعد إشارته إلى ذلك: "وهو كما قال، فإنه لا يجوز روايتهما إلا ببيان ضعفهما، وضعفهما من وجود عديدة، فإن كلا من السندين مشتمل على غير واحد من الضعفاء، مع ما في متن الحديث مما يدل على ضعفه".
رشدين بن سعد: ضعيف جدا، وقد فصلنا القول فيه في شرح المسند: ٥٧٤٨، و"رشدين": بكسر الراء وسكون الشين المعجمة وكسر الدال وبعد الياء نون، ووقع في المطبوعة وفي ابن كثير"راشد". وهو تصحيف.
زبان بن فائد المصري الحمراوي: ضعيف أيضًا. قال أحمد: "أحاديثه مناكير"، وضعفه ابن معين. مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٤٠٥، وابن أبي حاتم ١/٢/٦١٦. وقال ابن حبان في كتاب المجروحين (ص: ٢١٠ مخطوطة مصور عندي) : "منكر الحديث جدا، يتفرد عن سهل بن معاذ بنسخة كأنها موضوعة". و"زبان": بالزاي المعجمة وتشديد الباء الموحدة. ووقع في المطبوعة"ريان" بالراء والتحتية، وهو تصحيف.
سهل بن معاذ بن أنس الجهني: ضعيف أيضًا، ضعفه ابن معين. وقال ابن حبان في كتاب المجروحين (ص: ٢٣٢) : "روى عنه زبان بن فائد، منكر الحديث جدا. فلست أدري أوقع التخليط في حديثه منه أو من زبان بن فائد؟ فإن كان من أحدهما فالأخبار التي رواها أحدهما ساقطة".
وهذا الحديث -على ما فيه من ضعف شديد- رواه أحمد في المسند: ١٥٦٨٨ (ج ٣ ص ٤٣٩ حلبي) . بل إنه روى هذه النسخة، التي كاد ابن حبان أن يجزم بأنها موضوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>