قال أبو جعفر: فلو كان خبر سهل بن معاذ عن أبيه صحيحا سنده، كان بينا أن الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم فقام بهن، هو قوله كلما أصبح وأمسى:"فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون"- أو كان خبر أبي أمامة عدولا نقلته، كان معلوما أن الكلمات التي أوحين إلى إبراهيم فابتلي بالعمل بهن: أن يصلي كل يوم أربع ركعات. غير أنهما خبران في أسانيدهما نظر.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في معنى"الكلمات" التي أخبر الله أنه ابتلي بهن إبراهيم، ما بينا آنفا.
ولو قال قائل في ذلك: إن الذي قاله مجاهد وأبو صالح والربيع بن أنس، أولى بالصواب من القول الذي قاله غيرهم، كان مذهبا. لأن قوله:"إني جاعلك للناس إماما"، وقوله:"وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين" وسائر الآيات التي هي نظير ذلك، كالبيان عن الكلمات التي ذكر الله أنه ابتلي بهن إبراهيم. (١)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى:{فَأَتَمَّهُنَّ}
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"فأتمهن"، فأتم إبراهيم الكلمات. و"إتمامه إياهن"، إكماله إياهن، بالقيام لله بما أوجب عليه فيهن، وهو الوفاء الذي
(١) وقد نقل ابن كثير في تفسيره ١: ٣٠٤ هذه الفقرة من أول قوله"ولو قال قائل" ثم عقب عليه بقوله: "قلت: والذي قاله أولا: من أن الكلمات تشمل جميع ما ذكر، أقوى من هذا الذي جوزه من قول مجاهد ومن قال مثله. لأن السياق يعطى غير ما قالوه، والله أعلم". لم يأت ابن كثير بشيء، فإن قول الطبري بين، وهو قاض بأن الصواب هو القول الأول، وأن هذا الثاني لو قيل كان مذهبا. وهذه كلمة تضعيف لا كلمة تقوية.