القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤) }
قال أبو جعفر: هذا خبر من الله جل ثناؤه عن أن الظالم لا يكون إماما يقتدي به أهل الخير. وهو من الله جل ثناؤه جواب لما يتوهم في مسألته إياه (١) أن يجعل من ذريته أئمة مثله. فأخبر أنه فاعل ذلك، إلا بمن كان من أهل الظلم منهم، فإنه غير مُصَيِّره كذلك، ولا جاعله في محل أوليائه عنده، بالتكرمة بالإمامة. لأن الإمامة إنما هي لأوليائه وأهل طاعته، دون أعدائه والكافرين به.
* * *
واختلف أهل التأويل في العهد الذي حرم الله جل ثناؤه الظالمين أن ينالوه.
فقال بعضهم: ذلك"العهد"، هو النبوة.
* ذكر من قال ذلك:
١٩٤٥- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"قال لا ينال عهدي الظالمين"، يقول: عهدي، نبوتي.
فمعنى قائل هذا القول في تأويل الآية: لا ينال النبوة أهل الظلم والشرك.
* * *
وقال آخرون: معنى"العهد": عهد الإمامة.
فتأويل الآية على قولهم: لا أجعل من كان من ذريتك بأسرهم ظالما، إماما لعبادي يقتدى به.
* ذكر من قال ذلك:
١٩٤٦- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"قال لا ينال عهدي الظالمين" قال، لا يكون إمام ظالما.
(١) في المطبوعة: "لما توهم"، وهي خطأ، والصواب ما أثبته، بالبناء للمجهول.