سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك، أن هذه الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة.
وقال آخرون: عنى بها قيام الليل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، عن الحسن (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: قيام الليل.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: هؤلاء المتهجدون لصلاة الليل.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:(تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) يقومون يصلون من الليل.
وقال آخرون: إنما هذه صفة قوم لا تخلو ألسنتهم من ذكر الله.
* ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: اخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُم خَوْفا وَطَمَعا) : وهم قوم لا يزالون يذكرون الله، إما في صلاة، وإما قياما، وإما قعودا، وإما إذا استيقظوا من منامهم، هم قوم لا يزالون يذكرون الله.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:(تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ ... ) إلى آخر الآية، يقول: تتجافى لذكر الله، كلما استيقظوا ذكروا الله، إما في الصلاة، وإما في قيام، أو في قعود، أو على جنوبهم، فهم لا يزالون يذكرون الله.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله وصف هؤلاء القوم بأن جنوبهم تنبو عن مضاجعهم، شغلا منهم بدعاء ربهم وعبادته خوفا وطمعا، وذلك نبوّ جنوبهم عن المضاجع ليلا؛ لأن المعروف من وصف الواصف رجلا بأن جنبه نبا عن مضجعه، إنما هو وصف منه له بأنه جفا عن النوم في وقت منام الناس المعروف، وذلك الليل دون النهار، وكذلك تصف العرب الرجل إذا وصفته بذلك، يدلّ على ذلك قول عبد الله