لا كلمته فيك. وذلك لا شك قبل نزول آية التخيير، لأن آية التخيير إنما نزلت حين انقضى وقت يمين رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على اعتزالهن.
وأما أمر الدلالة على أن أمر سودة كان قبل نزول هذه الآية، أن الله إنما أمر نبيه بتخيير نسائه بين فراقه والمقام معه على الرضا بأنْ لا قَسْم لهن، وأنه يرجي من يشاء منهن، ويؤوي منهن من يشاء، ويؤثر من شاء منهن على من شاء، ولذلك قال له تعالى ذكره (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ) ومن المحال أن يكون الصلح بينها وبين رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جرى على تركها يومها لعائشة في حال لا يوم لها منه.
وغير جائز أن يكون كان ذلك منها إلا في حال كان لها منه يوم هو لها حق كان واجبًا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أداؤه إليها، ولم يكن ذلك لهن بعد التخيير لما قد وصفت قبل فيما مضى من كتابنا هذا.
فتأويل الكلام: لا يحل لك يا محمد النساء من بعد اللواتي أحللتهن لك في الآية قبل، ولا أن تطلق نساءك اللواتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، فتبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسن من أردت أن تبدل به منهن، إلا ما ملكت يمينك. وأن في قوله (أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ) رفع، لأن معناها: لا يحل لك النساء من بعد، ولا الاستبدال بأزواجك، وإلا في قوله:(إلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ) استثناء من النساء. ومعنى ذلك: لا يحل لك النساء من بعد اللواتي أحللتهن لك إلا ما ملكت يمينك من الإماء، فإن لك أن تملك من أى أجناس الناس شئت من الإماء.
وقوله (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا) يقول: وكان الله على كل شيء؛ ما أحل لك، وحرم عليك، وغير ذلك من الأشياء كلها، حفيظًا لا يعزب عنه علم شيء من ذلك، ولا يئوده حفظ ذلك كله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَكَانَ اللَّهُ