للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زجاج وشبهه.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال ثنا مروان عن جويبر عن الضحاك في قول الله (وَتَمَاثِيلَ) قال: الصور.

قوله (وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) يقول: وينحتون له ما يشاء من جفان كالجواب، وهي جمع جابية والجابية: الحوض الذي يجبى فيه الماء، كما قال الأعشى ميمون بن قيس:

تروحُ علَى نَادِي المُحَلَّقِ جَفْنَةٌ ... كَجَابِيةِ الشَّيخِ العِرَاقِي تَفْهَقُ (١)

وكما قال الآخر:

فَصَبَّحْتُ جَابِيَةً صُهَارِجا ... كأنَّها جِلْدُ السَّمَاءِ خارِجا (٢)


(١) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة (ديوانه طبعة القاهرة ٢٢٥) وروايته: نَفَى الذَّمَّ عَنْ آلِ المحلقِ جَفْنَةُ ... كَجابِيَةِ السِّيح العِرَاقيِّ تَفْهَقُ
وهي رواية مشهورة كالرواية التي أوردها المؤلف. يصف المحلق بالكرم وأن جفنته تروح على ناديه مفعمة لحما وشحما، وهي من كبير الجفان، مثل جابية الماء التي يجمع فيها الشيخ العراقي أيام يفيض النهر، لينفق منه في أيام قلة الماء، فهي جابية كبيرة. وأما من رواه السيح، بالسين والحاء والمهملتين، فهو ما يفيض من الماء ويسيح عن الزيادة بالنهر وقد ذكر في المبرد "الكتاب الكامل" هاتين الروايتين (انظر طبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ١: ٧) قال في تخريج رواية الشيخ: كذا ينشده أهل البصرة. وتأويله عندهم أن العراقي إذا تمكن من الماء، ملأ جابيته، لأنه حضري، فلا يعرف مواقع الماء ولا محاله. قال أَبو العباسي: وسمعت أعرابية تنشد: (وهي أم الهيثم الكلابية من ولد المحلق، وهي رواية أهل الكوفة) : "كجابية المسيح"، تريد: النهر يجري على جانبيه، فماؤها لا ينقطع، لأن النهر يمده. ا.هـ. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن: (الورقة: ١٩٨) (وجفان كالجواب) : واحدها: جابية وهو الحوض الذي يجبى فيه الماء. وقال الفراء في معاني القرآن الورقة ٢٦١: (وجفان) : وهي القصاع الكبار. (كالجواب) الحياض التي للإبل. وفي (اللسان: جبى) : الجابية الحوض الذي يجبى فيه الماء للإبل. والجابية: الحوض الضخم وأورد البيت كرواية المؤلف، ثم قال: خص العراقي، لجهله بالمياه، لأنه حضري، فإن وجدها ملأ جابية: وأعدها، ولم يدر متى يجد المياه.
(٢) هذان بيتان من مشطور الرجز. روى أولهما صاحب (اللسان: صهرج) عن الأزهري. قال: وحوض صهارج: مطلي بالصاروخ: (النورة) والصهارج بالضم مثل الصهرج. وأنشد الأزهري فصبحت جابية صحارجا وقد صهرجوا صهريجا. وفاعل صحبت ضمير يعود على ما قبله، ولعله ذكر الإبل. والرجز غير منسوب. وقوله "كأنها جلد ... " البيت: يشبه لون الجابية أو ماءها بلون السماء في الزرقة. وهذا البيت كالذي قبله شاهد على أن معنى الجابية الحوض الكبير الذي يجمع فيه الماء، وهو الصهارج والصهريج أيضا. شبه جفنة المحلق بالحوض الكبير، لكرمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>