لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) يقول: لو شئنا لتركناهم عميا يترددون. وهذا القول الذي ذكرناه عن الحسن وقتادة أشبه بتأويل الكلام، لأن الله إنما تهدد به قومًا كفارا، فلا وجه لأن يقال: وهم كفار، لو نشاء لأضللناهم وقد أضلهم، ولكنه قال: لو نشاء لعاقبناهم على كفرهم، فطمسنا على أعينهم فصيرناهم عميا لا يبصرون طريقا، ولا يهتدون له؛ والطَّمْس على العين: هو أن لا يكون بين جفني العين غرٌّ، وذلك هو الشق الذي بين الجفنين (١) كما تطمس الريح الأثر، يقال: أعمى مطموس وطميس.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ) قال الطريق.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ) أي: الطريق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ) قال: الصراط، الطريق.
وقوله (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) يقول: فأي وجه يبصرون أن يسلكوه من الطرق، وقد طمسنا على أعينهم.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) وقد طمسنا على أعينهم.
وقال الذين وجهوا تأويل قوله (وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ) إلى أنه معني به العمى عن الهدى، تأويل قوله (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) : فأنى يهتدون للحق
(١) كذا في مجاز القرآن لأبي عبيدة (مصورة الجامعة، الورقة ٢٠٧) .