للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهو أول بيت وضع في الأرض؟ فقال: لا ولكن هو أول بيت وضع فيه البركة، (١) مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنا، وإن شئت أنبأتك كيف بني: إن الله أوحى إلى إبراهيم أن ابن لي بيتا في الأرض. قال: فضاق إبراهيم بذلك ذرعا، فأرسل الله السكينة -وهى ريح خجوج، ولها رأسان (٢) - فأتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت إلى مكة، فتطوت على موضع البيت كتطوي الحجفة، (٣) وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة. فبنى إبراهيم وبقي حجر، فذهب الغلام يبغي شيئا، فقال إبراهيم: لا ابغني حجرا كما آمرك. (٤) قال: فانطلق الغلام يلتمس له حجرا، فأتاه فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه، فقال: يا أبت، من أتاك بهذا الحجر؟ قال: أتاني به من لم يتكل على بنائك، جاء به جبريل من السماء. فأتماه. (٥)

٢٠٥٩- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا سعيد، عن سماك قال: سمعت خالد بن عرعرة يحدث عن علي بنحوه.

٢٠٦٠- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة وحماد بن سلمة وأبو الأحوص كلهم، عن سماك، عن خالد بن عرعرة، عن علي، بنحوه.

* * *

قال أبو جعفر: فمن قال: رفع القواعد إبراهيم وإسماعيل، أو قال: رفعها إبراهيم وكان


(١) في المطبوعة وفي التاريخ، وابن كثير: "وضع في البركة". وفي المستدرك الحاكم ١: ٢٩٣، والدر المنثور، "وضع للناس فيه البركة والهدى"، فصححتها من هناك.
(٢) انظر ما سلف قريبا: ٦٦ تعليق رقم: ١.
(٣) تطوت: استدارت. تطوت الحية: تحوت والتف بعضها على بعض واستدارت كالطوق. والحجفة: الترس من الجلود يطارق بعضه على بعض، ليس فيه خشب. وفي رواية الطبري في التاريخ"كتطوي الحية"، وكذلك في المستدرك"كتطوق الحية"، وجاء في ابن كثير"الجحفة" وهو خطأ.
(٤) في التاريخ: "لا أبغي حجرا. . . "، وهو خطأ، وفي ابن كثير: "فقال إبراهيم: ابغي حجرا كما آمرك"، وهو خطأ أيضًا. يقال: ابغني كذا وكذا، وابغ لي كذا وكذا: أي اطلبه لي والتمسه. بغى فلان فلانا شيئا: التمسه له.
(٥) الأخبار: ٢٠٥٨-٢٠٦٠، هي خبر واحد بثلاثة أسانيد.
وشيخ الطبري في الإسناد الأول"هناد": هو ابن السري بن مصعب الدارمي التميمي، وهو ثقة. من شيوخ البخاري ومسلم وغيرهما. مترجم في التهذيب، والكبير ٤/٢/٢٤٨، والصغير: ٢٤٥، وابن أبي حاتم ٤/٢/١١٩-١٢٠.
وقع في المطبوعة"عباد"، وهو تحريف، تصويبه، من التاريخ للطبري ١: ١٢٨-١٢٩، حيث روى هذا الخبر بهذا الإسناد الأول"حدثنا هناد بن السري". وكذلك نقله ابن كثير ١: ٢٢٤، عن الطبري.
أبو الأحوص: هو سلام بن سليم الحنفي الحافظ الثقة.
سماك - بكسر السين وتخفيف الميم: هو ابن حرب بن أوس البكري، وهو تابعي ثقة، روى له مسلم ووثقه أحمد وابن معين وغيرهما. مترجم في التهذيب، والكبير ٢/٢/١٧٤، وابن أبي حاتم ٢/١/٢٧٩-٢٨٠.
خالد بن عرعرة التيمي: تابعي ثقة، ترجمه البخاري في الكبير ٢/١/١٤٩، وقال: "سمع عليا". وابن أبي حاتم ١/٢/٣٤٣، ولم يذكرا فيه جرحا، وذكره ابن حبان في الثقات.
و"سعيد" -في الإسناد الثاني-: أنا أرجح أنه محرف عن"شعبة"، فهو الذي يروي عن سماك ابن حرب، وهو الذي يطلقه"محمد بن جعفر غندر"، إذ هو شيخه الذي لزمه وجالسه نحوا من عشرين سنة. و"أبو داود" في الإسناد الثالث: هو الطيالسي.
والخبر رواه أيضًا الأزرقي في تاريخ مكة ١: ٢٤-٢٥، من طريق عبد الرحمن بن عبد الله، مولى بني هاشم، عن حماد -وهو ابن سلمة- عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة.
ورواه الحاكم في المستدرك ٢: ٢٩٢-٢٩٣، من طريق إسرائيل، عن خالد بن حرب، عن خالد بن عرعرة. قال: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي ١: ١٢٦، ونسبه لهؤلاء ولغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>