للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حلق إسحاق; فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه، وحزّ من قفاه، فذلك قوله (فَلَمَّا أَسْلَمَا) يقول: سلما لله الأمر (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) فنودي يا إبراهيم (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا) بالحق فالتفت فإذا بكبش، فأخذه وخَلَّى عن ابنه، فأكبّ على ابنه يقبله، وهو يقول: اليوم يا بُنَيّ وُهِبْتَ لي; فلذلك يقول الله: (وفديناه بذبح عظيم) فرجع إلى سارَة فأخبرها الخبر، فجَزِعَت سارَة وقالت: يا إبراهيم أردت أن تذبح ابني ولا تُعْلِمني!.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) قال: رؤيا الأنبياء حق إذا رأوا فى المنام شيئا فعلوه.

حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، قال: رؤيا الأنبياء وحي، ثم تلا هذه الآية: (إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) .

قوله (فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى) : اختلفت القرّاء في قراءة قوله (مَاذَا تَرَى؟) ، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة، وبعض قراء أهل الكوفة: (فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى؟) بفتح التاء، بمعنى: أي شيء تأمر، أو فانظر ما الذي تأمر، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة:"مَاذَا تُرَى" بضم التاء، بمعنى: ماذا تُشير، وماذا تُرَى من صبرك أو جزعك من الذبح؟.

والذي هو أولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه: (مَاذَا تَرَى) بفتح التاء، بمعنى: ماذا ترى من الرأي.

فإن قال قائل: أو كان إبراهيم يؤامر ابنه في المضيّ لأمر الله، والانتهاء إلى طاعته؟ قيل: لم يكن ذلك منه مشاورة لابنه في طاعة الله، ولكنه كان منه ليعلم ما عند ابنه من العَزْم: هل هو من الصبر على أمر الله على مثل الذي هو عليه، فيسر بذلك أم لا وهو في الأحوال كلها ماض لأمر الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>