(٢) انظر ما سلف ١: ٢٢١ س: ١٤. (٣) جاء في تفسير ابن كثير ١: ٣٣٢ ما نصه: قال ابن جرير: والصواب أنه يعم العرب وغيرهم، لأن من ذرية إبراهيم بني إسرائيل، وقد قال الله تعالى: "ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون" وهو كما ترى ليس في أصل الطبري. فلا أدري أهو تصرف من ابن كثير، أم في أصول الطبري خرم في هذا الموضع، وكلاهما جائز، ولا أقطع بشيء. هذا وقد أراد ابن كثير أن يرد ما ذهب إليه الطبري، فزعم أن تخصيص السدي أنهم العرب لا ينفي من عداهم ثم قال: "والسياق إنما هو في العرب، ولهذا قال بعده: "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم" الآية، والمراد بذلك محمد صلى الله عليه وسلم، وقد بعث فيهم". واعتراض ابن كثير هذا لا يقوم، واحتجاجه بالسياق هنا لا ينهض. فالدعاء دعاء إبراهيم وإسماعيل معا، ولكل منهما ذرية يشملها الدعاء. والسياق هنا سياق الآيات المتتابعة لا سياق آية واحدة. ففي الآيات التي تلي هذه الآية ذكر ملة إبراهيم، وبيانها: " إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون". وهي آيات متتابعة، فالتخصيص فيها غير جائز، مع وضوح الدلالة على أن ذرية إبراهيم من غير إسماعيل، كانوا على ملة إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، وهم له مسلمون وهذا دليل على ما ذهبت إليه في مقدمة الجزء الأول، من اختصار الطبري في تفسيره هذا، فإنه لو شاء لأفاض واحتج بما احتججت بما احتججت به. وهو دليل أيضًا على أن قراءة الطبري تحتاج إلى متابعة آية بعد آية، وأن قراءته مفرقا توقع في خطأ في فهم مراده وحجته. ودليل على أن الطبري شديد العناية بسياق الآيات وترابطها، ولكنه ربما أغفل ذكر هذا الترابط مفصلا وحجته فيه، لأنه قد استوفى ذلك في مواضع سبقت، فاختصر المواضع الأخرى ثقة بتتبع قارئه لما أراد. ودليل آخر على أن هذا التفسير لا يزال مجهول المكانة، على علو مكانته عند أسلافنا غفر الله لنا ولهم.