فقال: أجمعينا، ولم يقل: تكلموا، وكما يقال في الرجال: من هو إخوتك، يذهب بهو إلى الاسم المجهول ويخرج فعله على الجمع، فذلك وجه وإن كان غيره أفصح منه; وإن كان أراد بذلك واحدا فهو عند أهل العربية لحن، لأنه لحن عندهم أن يقال: هذا رامٌ وقاضٌ، إلا أن يكون سمع في ذلك من العرب لغة مقلوبة، مثل قولهم: شاكُ السلاح، وشاكي السلاح، وعاث وعثا وعاق وعقا، فيكون لغة، ولم أسمع أحدا يذكر سماع ذلك من العرب.
وقوله (وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ) وهذا خبر من الله عن قيل الملائكة أنهم قالوا: وما منا معشر الملائكة إلا من له مقام في السماء معلوم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
(١) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة ٢٧٥) ولم ينسبه. قال: وقد يكون أن تجعل" صالو" جمعا، كما تقول: من الرجال من هو أخوتك. تذهب بهو إلى الاسم المجهول، وتخرج فعله على الجمع، كما قال الشاعر:" إذا ما حاتم ... البيت". ولم يقل تكلموا. واجود ذلك في العربية، إذا أخرجت الكناية، أن تخرجها على المعنى والعدد، لأنك تنوى تحقيق الاسم. اهـ. وفي فتح القدير للشوكاني (٤: ٤٠٣) في تفسير قوله تعالى:" إلا من هو صال الجحيم": قرأ الجمهور:" صال" بكسر اللام، لأنه منقوص مضاف، حذفت الياء للالتقاء الساكنين، وحمل على لفظ من، وأفرد، كما أفرد" هو". وقرأ الحسن وابن أبي عبلة بضم اللام، مع واو بعدها؛ وروى عنهما قرأ بضم اللام بدون واو. فاما مع الواو فعلى انه جمع سلامة بالواو، حملا على معنى" من" وحذفت نون الجمع للإضافة. وأما بدون الواو، فيحتمل أن يكون جمعا، وإنما حذفت الواو خطا، كما حذفت لفظا. ويحتمل أن يكون مفرداً؛ وحقه على هذا كسر اللام. قال النحاس: وجماعة أهل التفسير يقولون: إنه لحن، لأنه لا يجوز: هذا قاض المدينة. والمعنى أن الكفار وما يبعدونه، لا يقدرون على إضلال أحد من عباد الله، إلا من هو من أهل النار. أي يدخلها. اهـ.