للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"مناسكه"، لأنها أمارات وعلامات يعتادها الناس، ويترددون إليها.

* * *

وأصل"المنسك" في كلام العرب: الموضع المعتاد الذي يعتاده الرجل ويألفه، يقال:"لفلان منسك"، وذلك إذا كان له موضع يعتاده لخير أو شر. ولذلك سميت"المناسك""مناسك"، لأنها تعتاد، ويتردد إليها بالحج والعمرة، وبالأعمال التي يتقرب بها إلى الله.

* * *

وقد قيل: إن معنى"النسك": عبادة الله. وأن"الناسك" إنما سمي"ناسكا" بعبادة ربه.

فتأول قائلو هذه المقالة. قوله:"وأرنا مناسكنا"، وعلمنا عبادتك، كيف نعبدك؟ وأين نعبدك؟ وما يرضيك عنا فنفعله؟

وهذا القول، وإن كان مذهبا يحتمله الكلام، فإن الغالب على معنى"المناسك" ما وصفنا قبل، من أنها"مناسك الحج" التي ذكرنا معناها.

* * *

وخرج هذا الكلام من قول إبراهيم وإسماعيل على وجه المسألة منهما ربهما لأنفسهما. وإنما ذلك منهما مسألة ربهما لأنفسهما وذريتهما المسلمين. فلما ضما ذريتهما المسلمين إلى أنفسهما، صارا كالمخبرين عن أنفسهما بذلك. (١) وإنما قلنا إن ذلك كذلك، لتقدم الدعاء منهما للمسلمين من ذريتهما قبل في أول الآية، وتأخره بعد في الآية الأخرى. فأما الذي في أول الآية فقولهما:"ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك"، ثم جمعا أنفسهما والأمة المسلمة من ذريتهما، في مسألتهما ربهما أن يريهم مناسكهم فقالا"وأرنا مناسكنا". وأما التي في الآية التي بعدها:"ربنا وابعث فيهم رسولا منهم"، فجعلا المسألة لذريتهما خاصة.


(١) في المطبوعة: "عن أنفسهم بذلك"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>