للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بخفض الساعة; قال: والكلام أن ينصب بها، لأنها في معنى ليس، وذكر أنه أنشد:

تَذَكَّرَ حُبَّ لَيْلَى لاتَ حِينا ... وأضْحَى الشَّيْبُ قَدْ قَطَعَ القَرِينا (١)

قال: وأنشدني بعضهم:

طَلَبُوا صُلْحَنا وَلاتَ أوَانٍ ... فأجَبْنَا أنْ لَيْسَ حَينَ بَقاءِ (٢)

بخفض"أوانٍ"; قال: وتكون لات مع الأوقات كلها.

واختلفوا في وجه الوقف على قراءة: (لاتَ حينَ) فقال بعض أهل العربية: الوقف عليه ولاتْ بالتاء، ثم يبتدأ حين مناص، قالوا: وإنما هي"لا" التي بمعنى:"ما"، وإن في الجحد وُصلت بالتاء، كما وُصلت ثم بها، فقيل: ثمت، وكما وصلت ربّ فقيل: ربت.

وقال آخرون منهم: بل هي هاء زيدت في لا فالوقف عليها لاه، لأنها هاء زيدت للوقف، كما زيدت في قولهم:

العاطِفُونَةَ حِينَ ما مِنْ عاطِفٍ ... والمُطْعِمُونَةَ حِينَ أيْنَ المَطْعَمُ (٣)


(١) البيت من شواهد الفراء (الورقة ٢٧٦) على أن لات تعمل النصب فيما بعدها. قال في معاني القرآن مبينا الوجه في عمل ليت: والكلام: أن ينصب بها في معنى ليس. أنشدني المفضل:" تذكر حب ... البيت". ثم قال: بعده: فهذا نصب، ثم أنشد شاهدا آخر على الجر بها، وهو قول الشاعر:" طلبوا صلحنا ولات أوان ... البيت". وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ٢١٠ - ١) في أول سورة ص: و" لات حين مناص": إنما هي:" ولا". وبعض العرب يزيد فيها الهاء، فيقول: " ولاه" فيزيد فيها هاء للوقف، فإذا اتصلت صارت تاء. والمناص: مصدر ناص ينوص. وهو المنحى والفوت. وقال عمرو بن شاس الأسدي:" تذكرت ليلى لات حين تذكر". وقال الفراء في معاني القرآن (٢٧٦) : أقف على" لات" بالتاء. والكسائي يقف عليها بالهاء. أهـ.
(٢) تقدم الكلام على البيت قريبا، فراجعه في موضعه.
(٣) هذا الشاهد أيضا أنشده صاحب الخزانة (٢: ١٤٧) ونقل كثيرا من أقوال النحويين في تخريجه. ومن احسن تخريجاته قول ابن جني الذي نقله صاحب الخزانة عن" سر صناعة الإعراب" لابن جني، قال: وسبقه ابن السيرافي في شرح شواهد الغريب المصنف، وأبو علي الفارسي، في المسائل المنثورة. وهو أنها (التاء في العاطفونة) في الأصل هاء السكت، لاحقه لقوله:" العاطفون"، اضطر الشاعر إلى تحريكها، فأبدلها تاء، وفتحها، قال ابن جني أراد أن يجريه في الأصل على حد ما يكون عليه في الوقف. وذلك أن يقال في الوقف: هؤلاء مسلمونه، وضاربونه، فتلحق الهاء لبيان حركة النون. فصار التقرير: العاطفونه. ثم إنه شبه هاء الوقف بهاء التأنيث، فلما احتاج لإقامة الوزن، إلى حركة الهاء، قلبها بتاء، كما تقول في الوقف: هذا طلحه فإذا وصلت صارت الهاء تاء، فقلت: فقلت هذا طلحتنا. وعلى هذا قال: العاطفونة. قال: ويؤنس لصحة هذا قول الراجز: من بعد ما وبعد ما وبعد مت ... صارت نفوس القوم عند الغلصمت
أراد: وبعد ما، فأبدل الألف في التقديرها، فصارت: بعدمه، ثم إنه أبدل الهاء تاء، لتوافق بقية القوافي التي تليها. وشجعه شبه الهاء المقدرة في قوله:" وبعدمه" بهاء التأنيث في طلحة وحمزة ... الخ. وذكر ابن مالك في التسهيل أن التاء بقية لات. فحذفت لا، وبقيت التاء. وربما استغنى مع التقدير عن (لا) بالتاء ... أهـ. والبيت من قصيدة لأبي وجزة السعدي، مدح بها آل الزبير بن العوام، لكنه مركب من مصراعي بيتين. والمصراع الثاني منه" والمسبغون يدا إذا ما أنعموا".

<<  <  ج: ص:  >  >>