للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذ كان ذلك كذلك، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب; وأصل ذلك من قولهم: أفاقت الناقة، فهي تفيق إفاقة، وذلك إذا ردت ما بين الرضعتين ولدها إلى الرضعة الأخرى، وذلك أن ترضع البهيمة أمها، ثم تتركها حتى ينزل شيء من اللبن، فتلك الإفاقة; يقال إذا اجتمع ذلك في الضرع فيقة، كما قال الأعشى:

حَتَّى إذَا فِيْقَةٌ فِي ضَرْعِها اجْتَمَعَتْ ... جاءَتْ لِتُرْضِعَ شِقَّ النَّفْسِ لوْ رَضَعا (١)

وقوله (وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ) يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون بالله من قريش: يا ربنا عجل لنا كتبنا قبل يوم القيامة. والقطّ في كلام العرب: الصحيفة المكتوبة; ومنه قول الأعشى:

وَلا المَلِكُ النُّعْمَانُ يَوْمَ لَقِيتُهُ ... بِنِعْمَتِهِ يُعْطِي القُطُوطَ وَيأْفِقُ (٢)


(١) البيت في ديوان الأعشى ميمون بن قيس ص ١٣ وهو الثالث والثلاثون من قصيدة يمدح بها هوذة بن علي الحنفي. والفيقة: اللبن الذي يجتمع في الضرع بين الحلبتين. وشق الشيء: شطره، والقطعة منه، وشق النفس: ولدها، لأنه قطعة منها. ويقول: حتى إذا اجتمع اللبن في ضرعها، عادت ترضع ولدها، لو أنه حي يرضع. والضمير في ضرعها: راجع إلى راحلته المذكورة قبل. واستشهد المؤلف بالبيت على معنى قوله تعالى:"ما لها من فواق". قال أبو عبيدة (٢١٣ - ١) من فتحها قال: ما لها من راحة. ومن ضمها قال فواق، وجعلها من" فواق ناقة": ما بين الحلبتين. وقوم قالوا: هما واحد. بمنزلة جمام المكوك وجمام المكوك، وقصاص الشعر وقصاص الشعر (الأول بضم أوله، والثاني بفتحه فيهن) . أهـ. وقال الفراء في معاني القرآن (الورقة ٢٧٧) :" ما لها من فواق": من راحة ولا إفاقة. وأصله من الإفاقة في الرضاع، إذا ارتضعت البهيمة أمها، ثم تركتها حتى تنزل شيئا من اللبن، فتلك الإفاقة والفواق بغير همز. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" العيادة قدر فواق ناقة". وقرأها الحسن، وأهل المدينة، وعاصم: فواق بالفتح؛ وهي لغة جيدة عالية. وضم حمزة، ويحيي، والأعمش، والكسائي. أهـ.
(٢) البيت للأعمش ميمون بن قيس (ديوان طبع القاهرة ص ٣٣) من قصيدة يمدح بها المحلق بن خنثم بن شداد بن ربيعة. وفيه"بأمته" في مكان"بنعمته". والقطوط: جمع قط بكسر القاف، وهو الصك بالجائزة، ويأفق كيضرب يفضل بعض الناس في الجوائز على بعض وهو من شواهد أبي عبيدة في (مجاز القرآن، الورقة ٢١٣\١) قال في قوله تعالى:" ربنا عجل لنا قطنا" القط: الكتاب قال الأعشى:"ولا الملك" البيت القطوط: الكتب بالجوائز يأفق يفضل ويعلو. يقال: ناقة أفقة، وفرس آفق إذا فضله على غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>