ثم اختلفوا في مدة الحين الذي ذكره الله في هذا الموضع: ما هي، وما نهايتها؟ فقال بعضهم: نهايتها الموت.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) : أي بعد الموت; وقال الحسن: يابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين.
وقال بعضهم: كانت نهايتها إلى يوم بدر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) قال: يوم بدر.
وقال بعضهم: يوم القيامة. وقال بعضهم: نهايتها القيامة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) قال: يوم القيامة يعلمون نبأ ما كذبوا به بعد حين من الدنيا وهو يوم القيامة. وقرأ:(لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُون) قال: وهذا أيضا الأخرة يستقرّ فيها الحقّ، ويبطل الباطل.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أعلم المشركين المكذبين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين من غير حد منه لذلك الحين بحد، وقد علم نبأه من أحيائهم الذين عاشوا إلى ظهور حقيقته، ووضوح صحته في الدنيا، ومنهم من علم حقيقة ذلك بهلاكه ببدر، وقبل ذلك، ولا حد عند العرب للحين، لا يُجاوز ولا يقصر عنه. فإذ كان ذلك كذلك فلا قول فيه أصح من أن يطلق كما أطلقه الله من غير حصر ذلك على وقت دون وقت.