للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا}

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"ولقد اصطفيناه في الدنيا"، ولقد اصطفينا إبراهيم. و"الهاء" التي في قوله:"اصطفيناه"، من ذكر إبراهيم.

* * *

و"الاصطفاء""الافتعال" من"الصفوة"، وكذلك"اصطفين"ا"افتعلنا" منه، صيرت تاؤها طاء لقرب مخرجها من مخرج الصاد.

ويعني بقوله:"اصطفيناه": اخترناه واجتبيناه للخلة، (١) ونصيره في الدنيا لمن بعده إماما.

* * *

وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن أن من خالف إبراهيم فيما سن لمن بعده، فهو لله مخالف، وإعلام منه خلقه أن من خالف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فهو لإبراهيم مخالف. وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر أنه اصطفاه لخلته، وجعله للناس إماما، وأخبر أن دينه كان الحنيفية المسلمة. ففي ذلك أوضح البيان من الله تعالى ذكره عن أن من خالفه فهو لله عدو لمخالفته الإمام الذي نصبه الله لعباده.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) }

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وإنه في الآخرة لمن الصالحين"، وإن إبراهيم في الدار الآخرة لمن الصالحين.

* * *

و"الصالح" من بني آدم: هو المؤدي حقوق الله عليه.


(١) الخلة (بضم فتشديد) : الصداقة والمحبة. والخليل: الصديق الحبيب. وهي هنا منزلة من منازل محبة الله لبعض عباده الذين اصطفاهم وأحبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>