الكفار به، فإن الله غني عن إيمانكم وعبادتكم إياه، ولا يرضى لعباده الكفر، بمعنى: ولا يرضى لعباده أن يكفروا به، كما يقال: لست أحب الظلم، وإن أحببت أن يظلم فلان فلانا فيعاقب.
وقوله:(وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) يقول: وإن تومنوا بربكم وتطيعوه يرض شكركم له، وذلك هو إيمانهم به وطاعتهم إياه، فكنى عن الشكر ولم يُذْكر، وإنما ذكر الفعل الدالّ عليه، وذلك نظير قوله:(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا) بمعنى: فزادهم قول الناس لهم ذلك إيمانا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) قال: إن تطيعوا يرضه لكم.
وقوله:(وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) يقول: لا تأثم آثمة إثم آثمة أخرى غيرها، ولا تؤاخذ إلا بإثم نفسها، يعلم عز وجل عباده أن على كل نفس ما جنت، وأنها لا تؤاخذ بذنب غيرها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) قال: لا يؤخذ أحد بذنب أحد.
وقوله:(ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يقول تعالى ذكره: ثم بعد اجتراحكم في الدنيا ما اجترحتم من صالح وسيئ، وإيمان وكفر أيها الناس، إلى ربكم مصيركم من بعد وفاتكم، (فَيُنَبِّئُكُمْ) يقول: فيخبركم بما كنتم في الدنيا تعملونه من خير وشر، فيجازيكم على كل ذلك جزاءكم، المحسن منكم بإحسانه، والمسيء بما يستحقه، يقول عز وجل لعباده: فاتقوا أن تلقوا