للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعرب تقول لكلّ من أعطى غيره من مال أو غيره: قد خوّله، ومنه قول أبي النجْم العِجْلِيّ:

أعْطَى فَلَمْ يَبْخَلْ وَلَمْ يُبَخَّل ... كُومَ الذرَا مِنْ خَوَلِ المَخَوِّلِ (١)

وحُدثت عن أبي عُبيدة معمر بن المثنى أنه قال: سمعت أبا عمرو يقول في بيت زُهَيْر:

هُنَالِكَ إنْ يُسْتَخْوَلُوا المَالَ يُخْوِلوا ... وَإِنْ يُسْأَلُوا يُعْطوا وَإنْ يَيْسِروا يُغْلُوا (٢)

قال معمر: قال يونس: إنما سمعناه:

هُنَالكَ إنْ يُسْتَخْبِلُوا المَالَ يُخْبِلوا (٣)

قال: وهي بمعناها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (ثُمَّ إِذَا


(١) البيت لأبي النجم العجلى الراجز المشهور (اللسان: خول) . وهو يمدح إنسانا أنه أعطى من سأله النوق السمينة العالية السنام والذرا: جمع ذروة، وهو أعلى الشيء. وهي مما خوله الله ومنحه، وكان عطاؤه كثيرا، فلم يبخل به، ولم ينسبه أحد إلى البخل. والبيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورثة ٢١٦) ، عند قوله تعالى:" ثم إذا خوله نعمة منه": كل مال لك، وكل شيء أعطيته فقد خولته؛ قال أبو النجم:" أعطى فلم يبخل ... البيت"
(٢) البيت لزهير بن أبي سلمى المزني (مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا ص ٢٣٩) والرواية فيه" يستخلبوا" في موضوع يستخولوا قال في اللسان: والاستخوال أيضا مثل الاستخبال، من أخبلته المال: إذا أعرته ناقة لينتفع بألبانها وأوبارها، أو فرسا يغزو عليه. ومنه قول زهير:" هنالك إن يستخولوا المال ... البيت". ومعنى ييسروا: يقامروا. ويغلوا: يختاروا سمان الإبل بالثمن الغالي، ويقامروا عليها. والبيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (٢١٦ ب) قال: وسمعت أبا عمرو يقول في بيت زهير" هنالك ... الخ": قال يونس: إنما سمعناه:" هنالك إن يستخلبوا المال". أي يخبلوا: وهو بمعناها.
(٣) تقدم الكلام على رواية هذا الشطر من بيت زهير بن أبي سلمى في الشاهد الذي قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>