يعني تعالى ذكره بقوله:(أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ) : أفمن وجبت عليه كلمة العذاب في سابق علم ربك يا محمد بكفره به.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ) بكفره.
وقوله:(أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أفأنت تنقذ يا محمد من هو في النار من حق عليه كلمة العذاب، فأنت تنقذه، فاستغنى بقوله:(تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) عن هذا. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: هذا مما يراد به استفهام واحد، فيسبق الاستفهام إلى غير موضعه، فيرد الاستفهام إلى موضعه الذي هو له. وإنما المعنى والله أعلم: أفأنت تنقذ من في النار من حقَّت عليه كلمة العذاب. قال: ومثله من غير الاستفهام: (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) فردد"أنكم" مرتين. والمعنى والله أعلم: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم، ومثله قوله:(لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ) وكان بعضهم يستخطئ القول الذي حكيناه عن البصريين، ويقول: لا تكون في قوله: (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) كناية عمن تقدّم، لا يقال: القوم ضربت من قام، يقول: المعنى: ألتجزئة أفأنت تُنْقذ من في النار منهم. وإنما معنى الكلمة: أفأنت تهدي يا محمد من قد سبق له في علم الله أنه من أهل النار إلى الإيمان، فتنقذه من النار بالإيمان؟ لست على ذلك بقادر.
وقوله:(لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّة) يقول تعالى ذكره: لكن الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه واجتناب محارمه، لهم في الجنة غرف من فوقها